ليتقعقع ويصوت خلخالهن. فيعلم أنهن ذوات خلخال. فإن ذلك مما يورث الرجال ميلًا إليهن، ويوهم أن لهن ميلًا إليهم. وإذا كان إسماع صوت خلخالها للأجانب حرامًا .. كان رفع صوتها بحيث يسمع الأجانب كلامها حرامًا بطريق الأولى؛ لأن صوت نفسها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها. ولذلك كرهوا أذان النساء؛ لأنه يُحتاج فيه إلى وقع الصوت.
وفي "الشهاب": وهذا سد لباب المحرمات، وتعليم للأحوط، وإلا فصوت النساء ليس بعورة عند الشافعي، فضلًا عن صوت خلخالهن. اهـ.
وفي "القرطبي": من فعل ذلك منهن فرحًا بحليهن فهو مكروه، ومن فعل ذلك منهن تبرجًا وتعرضًا للرجال فهو حرام مذموم. وكذلك من ضرب بنعله الأرض من الرجال، إن فعل ذلك عجبًا حرم، فإن العجب كبيرة، وإن فعل ذلك تبرجًا لم يحرم. اهـ.
وللنساء أفانين في هذا الباب (١)، فقد يجعلن الخرز ونحوه في جوف الخلخال، فإذا مشين ولو هونًا كان له رنين وصوت خاص، ومن الناس من تهيجه وسوسة الحلي أكثر مما يهيجه رؤيته.
{وَتُوبُوا} وارجعوا من عمل المعاصي {إِلَى} طاعة {اللَّهِ} سبحانه وتعالى حالة كونكم {جَمِيعًا}؛ أي: مجتمعين عليها {أيها المؤمنون} بالله ورسوله، إذ لا يكاد يخلو أحدكم من تفريط في أمره ونهيه، سيما في الكف عن الشهوات. و {أيها المؤمنون} تأكيد للإيجاب وإيذان بأن وصف الإيمان موجب للامتثال حتمًا. وفي هذه الآية دليل على أن الذنب لا يخرج العبد عن الإيمان؛ لأنه تعالى قال:{أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} بعدما أمر بالتوبة التي تتعلق بالذنب. {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛ أي: تفوزون بسعادة الدارين. وصَّى الله سبحانه جميع المؤمنين بالتوبة والاستغفار؛ لأن العبد الضعيف لا ينفك عن تقصير يقع منه وإن اجتهد في رعاية تكاليف الله تعالى.