للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَضْلِهِ}؛ أي: وليجتهدوا في الاستعفاف حتى يرزقهم الله سبحانه رزقًا يستغنون به، ويتمكنون بسببه من النكاح.

والخلاصة: أي وليجتهد في العفة وصون النفس من لا يتمكن من المال الذي به يتم النكاح، ولينتظر أن يغنيه الله من فضله، حتى يصل إلى بغيته من النكاح، ثم لما رغب سبحانه في تزويج الصالحين من العبيد والإماء، أرشد المالكين إلى طريقة يصير بها المملوك من جملة الأحرار، فقال: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ}؛ أي: والمماليك الذين يطلبون المكاتبة والإعتاق على المال {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وأيديكم من عبيدكم وإماءكم، ليصيروا أحرارًا، والموصول في محل رفع مبتدأ خبره {فَكَاتِبُوهُمْ}؛ أي: فصيروهم أحرارًا بعقد الكتابة. والفاء لتضمن الموصول معنى الشرط. ويجوز أن يكون الموصول في محل نصب على إضمار فعل يفسره ما بعده؛ أي: وكاتبوا الذين يبتغون الكتاب. والأمر فيه للندب؛ لأن الكتابة عقد يتضمن الإرفاق، فلا تجب كغيرها.

{إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ}؛ أي: في أولئك المماليك {خَيْرًا}؛ أي: أمانةً ورشدًا، وقدرةً على أداء مال الكتابة بتحصيله من وجه حلال، وصلاحًا بحيث لا يؤدي الناس بعد العتق وإطلاق العنان. وهو شرط في استحباب (١) عقد الكتابة المفهوم من قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ}. فاللام من انتفاء هذا القيد، انتفاء الاستحباب، لا انتفاء الجواز.

فصل في بيان معنى الكتابة وحكمها وكيفيتها

والكتابة لغة: مصدر كاتب يكاتب كتابة وكتابًا ومكاتبة. نظير قاتل يقاتل قتالًا ومقاتلة. وشرعًا: أن يقول (٢) السيد لمملوكه: كاتبتك على كذا من المال، ويسمى مالًا معلومًا، تؤدي ذلك في نجمين، أو في نجوم معلومة، في كل نجم كذا. فإذا أديت ذلك .. فأنت حر، ويقبل العبد ذلك. فإذا أدى العبد ذلك المال عتق، ويصير العبد أحق بمكاسبه بعد الكتابة. وإذا عتق بأداء المال، فما فضل


(١) روح البيان.
(٢) الخازن.