للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بصفات ثلاث:

الأول: كونه آيات مبينات. والثانية: كونه مثلًا. والثالثة: كونه موعظة. فقال: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ}؛ أي: وعزتي وجلالي، لقد أنزلنا إليكم أيها المؤمنون في هذه السورة الكريمة آيات مبينات، لكل ما بكم حاجة إلى بيانه من الحدود وسائر الأحكام والآداب والتبيين في الحقيقة لله تعالى. وإسناده إلى الآيات مجاز عقلي.

وقرأ (١) {مبينات} بفتح الياء الحرميان نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر؛ أي: بين الله في هذه إلسورة وأوضح آياتٍ تضمنت أحكامًا وحدودًا وفرائض. فتلك الآيات هي المبينة ويجوز أن يكون المراد مبينًا فيها ثم اتبع، فيكون المبين في الحقيقة غيرها. وهي ظرف للمبين. وقرأ باقي السبعة والحسن وطلحة والأعمش بكسر الياء. فإما أن تكون متعدية؛ أي: مبينات غيرها من الأحكام والحدود. فأسند ذلك إليها مجازًا. وإما أن تكون لا تتعدى؛ أي: بينات في نفسها, لا تحتاج إلى موضح، بل هي واضحة. لقولهم في المثل:

قد بين الصبح لذي عينين؛ أي: قد ظهر ووضح.

{وَمَثَلًا} معطوف على آيات؛ أي: وأنزلنا (٢) إليكم مثلًا كائنًا {مِنَ} قبيل أمثال {الَّذِينَ خَلَوْا}؛ أي: مضوا {مِنْ قَبْلِكُمْ} من القصص العجيبة، والأمثال المضروبة لهم في الكتب السابقة، والكلمات الجارية على ألسنة الأنبياء. فتنتظم قصة عائشة الحاكية لقصة يوسف وقصة مريم في القرابة وسائر الأمثال الواردة انتظامًا واضحًا، فإن في قصتهما ذكر تهمة من هو بريء مما اتهم به. فيوسف اتهمته زليخا، ومريم اتهمتها اليهود مع براءتهما.

أي: وأنزلنا إليكم قصة غريبة من جنس قصص الذين خلوا من قبلكم في الغرابة. وهي (٣) قصة عائشة - رضي الله عنها - فإنها كقصة يوسف ومريم، ولقد


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان بتصرف.
(٣) البيضاوي.