للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للوصول إلى الحق، وبها تأنس النفس بتصويرها المعاني بصور المحسوسات التي تألفها، وتدين بها. ولأمر ما كثرت في القرآن الكريم فقلما ساق حجاجًا، أو أقام دليلًا إلا أردفه بالمثل ليكون أدعى إلى الإقناع، وأرجىء للاقتناع.

{وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِكُلِّ شَيْءٍ} من الأشياء من ضرب الأمثال وغيره من دقائق المعقولات، والمحسوسات، وحقائق الجليات، والخفيات {عَلِيمٌ} لا يغيب عن علمه شيء من الأشياء معقولًا كان أو محسوسًا، ظاهرًا أو باطنًا، فيعطي هدايته من يستحقها ممن صفت نفوسهم، واستعدوا لتلقي أحكام الدين وآدابه. وكذلك يجعل وسائلها على ضروب شتى، بحسب اختلاف أحوال عباده، لتقوم له الحجة عليهم.

وفي هذا وعد وبشارة لمن تدبر الأمثال ووعاها، ووعيد وإنذار لن يتفكر فيها ولم يكترث بها. فإنه لا يصل إلى الحق ولا يهتدي لطريقه.

وخلاصة ذلك: ما قاله ابن عباس - رضي الله عنه -: هذا مثل نور الله، وهداه في قلب المؤمن. فكما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار، فإذا مسته ازداد ضوءًا على ضوء، يكاد قلب المؤمن يعمل بالهدى، قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاءه ازداد هدًى على هدًى، ونورًا على نور.

فصل في بيان القراءة الجارية في الآية

وقرأ علي (١) بن أبي طالب وأبو جعفر وعبد العزيز المكي وزيد بن علي وثابت بن أبي حفصة ومسلمة بن عبد الملك وأبو عبد الرحمن السلمي والقورصي وعبد الله بن عياش بن أبي ريعة: {اللَّهُ نَوَّرَ} فعلًا ماضيًا. {السَّمَاوَاتَ وَالْأَرْضَ} بالنصب.

وقرأ أبو (٢) رجاء العطاردي ونصر بن عاصم في رواية ابن مجاهد وابن أبي عبلة: {في زَجاجة الزَّجاجة} بفتح الزاي فيهما. وقرأ معاذ القاري وعاصم


(١) البحر المحيط.
(٢) زاد المسير والبحر المحيط.