دخول الأجانب في البيوت، إلا بعد الاستئذان والتسليم على أهلها، وبين أن في ذلك الخير كل الخير لهم، فإن لم يجدوا فيها أحدًا رجعوا، لما لذلك من كبير الأثر في المجتمع الإِسلامي بصيانة الآداب العامة، ومنع القيل والقال، وحفظ الأعراض والإنساب .. استثنى في هذه الآيات دخول الأقارب بعضهم على بعض، ودخول المملوكين على سادتهم، وبين أن الاستئذان لا يكون في جميع الأوقات، بل في ثلاث أوقات، هي عورات لأرباب البيوت لما فيها من رفع الكلفة، وقلة التحفظ في الستر. ثم ذكر أن النساء الطاعنات في السن, إذا لم يطمعن في الزواج، فلا حرج عليهن إذا لم يستعملن الزينة، وعليهن أن يتعففن جهد الطاقة.
قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه، لما ذكر أن للمماليك والصبيان الدخول في البيوت في غير العورات الثلاث بلا استئذان، ولا إذن من أهل البيت .. ذكر هنا أنه لا حرج على أهل هذه الأعذار الثلاثة، في تركهم للجهاد وما يشبهه، وذلك يستلزم عدم الاستئذان منه - صلى الله عليه وسلم -، فلهم القعود من غير استئذان، ولا إذن كما لا حرج عمن ذكروا بعدهم في الأكل، من البيوت المذكورة في الآية.
قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أمر المؤمنين بالاستئذان عند الدخول، أمرهم بالاستئذان حين الخروج، ولا سيما إذا كانوا في أمر جامع مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كتشاور في قتال أحد، أو في حادث عرض، وبين أن من يفعل ذلك .. فهو من كامل الإيمان. ثم أمر رسوله أن يأذن لمن شاء منهم إذا استأذنه، ثم أمر المؤمنين أن يبجلوا نبيهم، ولا يسموه باسمه، بل يقولون يا نبي الله، ويا رسول الله. وليحذروا أن يخالفوا أمره. وسنته وشريعته، بل عليهم أن يزنوا أقوالهم وأفعالهم بأقواله وأفعاله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه، فهو مردود على فاعله وقائله، كائنًا من كان. وقد ثبت في "الصحيحين" وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد".