للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو حيان (١): لما افتتح الله سبحانه وتعالى، هذه السورة بقوله: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} وذكر أنواعًا من الأوامر والحدود، مما أنزله على الرسول عليه السلام .. اختتمها بما يجب له عليه السلام، على أمته من التتابع. والتشايع على ما فيه مصلحة الإِسلام، ومن طلب استئذانه، إن عرض لأحد منهم عارض، ومن توقيره في دعائهم إياه.

أسباب النزول

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ...} الآية، روي (٢) أن سبب نزول هذه الآية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث وقت الظهيرة إلى عمر - رضي الله عنه - غلامًا من الأنصار، يقال له: مدلج بن عمرو، وكان عمر نائمًا فدق عليه الباب، ودخل، فاستيقظ وجلس فانكشف منه شيء، فقال: لوددت لو أن الله تعالى نهى آبانا وأبناءنا، وخدمنا عن الدخول علينا في هذه الساعة إلا بإذن فانطلق معه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجد الآية قد نزلت فخر ساجدًا، وهذا أحد موافقات رأيه الصائب - رضي الله عنه - الوحي.

قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه (٣) عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: كان الرجل يذهب بالأعمى والأعرج والمريض إلى بيت أبيه، أو بيت أخيه أو بيت أخته أو بيته عمته أو بيت خالته، فكانت الزمنى يتحرجون من ذلك، يقولون إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم. فنزلت هذه الآية رخصةً لهم {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ...} الآية.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لما أنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} تحرج المسلمون، وقالوا الطعام من أفضل الأموال، فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) لباب النقول.