أحد، فكف الناس عن ذلك، فنزل {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} إلى قوله: {مَفَاتِحَهُ} الآية.
وأخرج الضحاك قال: كان أهل المدينة، قبل أن يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا يخالطهم في طعامهم أعمى، ولا مريض، ولا أعرج؛ لأن الأعمى لا يبصر طيب الطعام، والمريض لا يستوفي الطعام كما يستوفي الصحيح، والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام، فنزلت رخصة في مؤاكلتهم. وأخرج عن مقسم قال: كانوا يتقون أن يأكلوا مع الأعمى والأعرج فنزلت هذه الآية.
وأخرج (١) الثعلبي في "تفسيره" عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: خرج الحارث غازيًا مع رسول الله، فخلف على أهله خالد بن زيد، فحرج أن يأكل من طعامه، وكان مجهودًا، فنزل قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} الآية، وأخرج البزار بسند صحيح عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان المسلمون يرغبون في النفير فيدفعون مفاتيحهم إلى زمناهم ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما أحببتم، وكانوا يقولون إنه لا يحل لنا أنهم أذنوا عن غير طيب نفس، فأنزل الله:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} إلى قوله: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}.
وأخرج ابن جرير عن الزهري أنه سئل عن قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا، فقال: أخبرني عبد الله بن عبد الله، قال: إن المسلمين كانوا إذا غزوا، خلفوا زمناهم، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم، ويقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا، وكانوا يتحرجون من ذلك، ويقولون لا ندخلها وهم غيب، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ هذه الآية رخصةً لهم. وأخرج عن قتادة قال: نزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} في حي من العرب، كان الرجل منهم لا يأكل طعامه وحده، وكان يحمله بعض يوم، حتى يجد من يأكله معه، فربما قعد، والطعام بين يديه،