فيها، كتصرفهم في أموالهم أنفسهم, لأن ولد الرجل بعضه، وحكمه حكم نفسه.
وثالثها: ما فائدة قوله: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} وظاهر الحال، أن هذا داخل في قوله:{مِنْ بُيُوتِكُمْ}؟ قلنا: يحتمل أن يراد بما في البيوت، المال التليد العتيد، وما ملك الإنسان مفاتحه، المال الطريف المكتسب، الذي يتسبب الإنسان في تحصيله، ويتعب في اكتسابه.
ورابعها: كيف وقعت التسوية بين الصديق، وبين هؤلاء الأقارب؟ قلنا: سر التسوية بين الصديق وبين هؤلاء الأقارب، تعريف حق الصديق، الذي ساوى باطنه ظاهره في إخلاص المودة. ولا يكون صديقًا حتى يكون كذلك.
وقد اشتملت هذه الآية، على تسعة أضرب من فنون البديع:
١ - صحة التقسيم، وذلك لاستيعاب الكلام، جميع أقسام الأقارب القريبة، بحيث لم يغادر منها شيئًا.
٢ - التهذيب، وذلك في انتقال الكلام على مقتضى البلاغة في هذا المكان، فإن مقتضى البلاغة، تقديم الأقرب فالأقرب. كما جاء فيها.
٣ - حسن النسق، وذلك في اختياره. {أَوْ}: لعطف الجمل، وهي تدل على الإباحة.
٤ - الكناية، فقد كنى سبحانه عن الأموال، بالبيوت التي هي حرز الأموال ومقرها، من باب تسمية الشيء بما جاوره، كقولهم: سال الميزاب، وجرى النهر.
٥ - المناسبة: وذلك بمناسبة الألفاظ بعضها بعضًا في الزنة، وهي واضحة في لفظة آبائكم وإخوانكم وأعمامكم وأخوالكم.
٦ - المثل: وذلك في قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} خرج مخرج المثل السائر، الذي يصح أن يتمثل به في كل واقعة، تشبه واقعته.