{فِتْنَةٌ}؛ أي: بلاء وامتحان في الدنيا. وقال أبو بكر بن طاهر: الفتنة مأخوذ بها والبلاء معفو عنه ومثاب عليه. {وَعَذَابٌ أَلِيمٌ}؛ أي: عذاب مؤلم موجع في الآخرة.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ} إلخ.
ومنها: الإجمال بعد التفصيل في {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ}.
ومنها: تسمية الشيء باسم ما يقع فيه، مبالغة في كونه محلًا له في قوله:{ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ} حيث سمى الأوقات المذكورة عورات، مع أنها ليست نفس العورات، بل هي أوقات العورات.
ومنها: الإيضاح في قوله: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} الآية. وهو أن يذكر المتكلم كلامًا في ظاهره لبس، ثم يوضحه في بقية كلامه. وهنا في هذه الآية ترد على ظاهرها أربعة أسئلة:
أولها: ما الفائدة في الإخبار برفع الجناح، عمن أكل من بيته، وكيف يظن أن على من أكل من بيته جناحًا؟ فالجواب عنه أن يقال: فائدة الإخبار برفع الجناح عمن أكل من بيته التوطئة، ليبنى عليه ما يعطفه على جملته من البيوت، التي قصد إباحة الأكل منها. فإنه إذا علم، أن الإنسان لا جناح عليه أن يأكل من بيته، فكذلك لا جناح عليه أن يأكل من هذه البيوت، ليشير إلى أن أموال هذه القرابة، كمال الإنسان، وإذا تساوت هذه الأموال، سرى ذلك التساوي إلى الأزواج، فيكون سبحانه، قد أدمج في ذلك الحض، على صلة الأرحام، ومعاملتهم معاملة الإنسان نفسه.
وثانيها: لم لم يذكر بيوت الأولاد، كما ذكر بيوت غيرهم من الأقارب القريبة؟ فالجواب عنه: أن يقال: إن أموال الأولاد كمال نفسه، فتصرف الوالدين