للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالظل، وجميع المكلفين مشتركون في تنبيههم على هذه النعمة اهـ "مراح". والهمزة للتقرير. والرؤية؛ إما رؤية العين، والمعنى عليه: ألم تنظر إلى بديع صنعه تعالى، فإن المنظور يجب أن يكون مما يصح أن يتعلق به رؤية العين {كَيْفَ}: اسم استفهام، سأل بها عن الحال، منصوبة على الحال بقوله: {مَدَّ الظِّلَّ}؛ أي: بسط الظل؛ أي: ألم تبصر إلى صنع ربك، أو لم تبصر إلى الظل كيف مده ربك، وإما قلبية بمعنى العلم، فإن الظل متغير، وكل متغير حادث، ولكل حادث موجد، قال الزجاج: {أَلَمْ تَرَ} ألم تعلم، وهذا من رؤية القلب، قال: وهذا الكلام على القلب، والتقدير: ألم تر إلى الظل كيف مده ربك يعني: الظل من الفجر إلى طلوع الشمس، وهو ظل لا شمس معه.

وعبارة أبي السعود: {كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}؛ أي (١): كيف أنشأ ظلًا لأي مظل كان من جبل، أو بناء، أو شجر، عند ابتداء طلوع الشمس ممتدًا، لا أنه تعالى مده بعد أن لم يكن كذلك كما بعد نصف النهار إلى غروبها، فإن ذلك مع خلوه عن التصريح يكون نفسه بإنشائه تعالى وإحداثه يأباه سياق النظم الكريم، وأما ما قيل من أن المراد بالظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وأنه أطيب الأوقات فغير سديد؛ إذ لا ريب في أن المراد تنبيه الناس على عظيم قدرة الله عز وجل وبالغ حكمته فيما يشاهدونه، فلا بد أن يراد بالظل ما يتعارفونه من حالة مخصوصة يشاهدونها في موضع يحول بينه وبين الشمس جسم كثيف، مخالفة لما في جوانبه من مواقع ضَحِّ الشمس، وما ذكر وإن كان في الحقيقة ظلًا للأفق الشرقي لكنهم لا يعدونه ظلًا، ولا يصفونه بأوصافه المعهودة" اهـ باختصار.

والمراد (٢): أن الشمس تنسخ الظل وتزيله شيئًا فشيئًا إلى الزوال، ثم ينسخ الظل ضوء الشمس، ويزيله من وقت الزوال إلى الغروب، فالظل الآخذ في التزايد الناسخ لضوء الشمس يسمى فيئًا؛ لأنه فاء من جانب المشرق إلى جانب المغرب، فهو من الزوال إلى الغروب، والظل من الطلوع إلى الزوال.


(١) أبو السعود.
(٢) روح البيان.