للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الموصول الجر على أنه صفة ثانية لـ {الْحَيِّ}، ولعل ذكره زيادة تقرير لكونه حقيقًا بأن يتوكل عليه من حيث إنه الخالق للكل والمتصرف فيه، وتحريض على الثبات والتأني في الأمر، فإنه تعالى مع كمال قدرته وسرعة نفاذ أمره في كل مراد خلق الأشياء على تؤدة وتدرج. ذكره "البيضاوي"؛ أي: وتوكل على الحي الذي أوجد السموات والأرض على غير مثال سابق {وَمَا بَيْنَهُمَا}؛ أي: وأوجد ما بينهما من الأركان والمواليد. وقال: {بَيْنَهُمَا}، ولم يقل: بينهن؛ لأنه أراد النوعين كما قال القطامي:

أَلَمْ يُحْزِنْكَ أَنَّ جِبَالَ قَيْسٍ ... وَتَغْلِبَ قَدْ تَبَايَنَتَا انْقِطَاعَا

{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}؛ أي (١): في مقدار ستة أيام من أيام الدنيا؛ لأنه لم يكن ثمة شمس ولا قمر، فخلق الأرض في يومي الأحد والاثنين، وما بينهما في يومي الثلاثاء والأربعاء، والسموات في يومي الخميس والجمعة، وفرغ من آخر ساعة من يوم الجمعة، وذلك مع قدرته على خلقهن في أسرع لمحة؛ ليعلم العباد أن التأني مستحب في الأمور.

فائدة: وأيام الأسبوع سبعة، وأسماؤها الجارية على الألسنة تسمية إسلامية، وقد كان لها أسماء عند العرب؛ وهي الأحد: الأوْهَلُ، والاثنين: أَوْهَنُ، والثلاثاء: جَبَارُ، والأربعاء: دَبَارُ، والخميس: مُؤْنِسْ، والجمعة: عَرُوبَةُ، والسبت: شَيَارُ.

{ثُمَّ} بعد فراغه من خلق السموات والأرض وما بينهما {اسْتَوَى} وارتفع سبحانه استواء يليق به، نثبته ونعتقده، لا نكيّفه ولا نمثله {عَلَى الْعَرْشِ} العظيم الذي هو أعظم المخلوقات. فإن قيل (٢): يلزم من نظم القرآن أن يكون خلق العرش بعد خلق السموات والأرض كما تفيده {ثُمَّ}؟ يقال: إن كلمة {ثُمَّ} لم تدخل على خلق العرش، بل على استوائه سبحانه على العرش. والأولى أن يقال: إن {ثُمَّ} هنا لا تفيد الترتيب الزماني.


(١) المراح.
(٢) الشوكاني بتصرف.