للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{الرَّحْمَنُ} خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو الرحمن؛ أي: الذي خلق الأجرام العلوية والسفلية وما بينهما هو الرحمن، وهو تمهيد لما يأتي من قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ}، وبيان أن المراد من الاستواء المذكور في الحقيقة تعيين مرتبة الرحمانية، فالوقف (١) على العرش تام إن أعرب الرحمن على المدح خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو الرحمن الذي لا ينبغي السجود إلا له، وهو في الحقيقة صفة ثالثة لـ {الْحَيِّ}، كما قرأ زيد بن علي بالجر؛ لأن المنصوب، والمرفوع على سبيل المدح وإن خرجا عن التبعية لما قبلهما لفظًا، فهما تابعان له معنى، ولا يوقف على العرش إن أعرب {الرَّحْمَنُ} بدلًا من الضمير المستكن في {اسْتَوَى}، فحينئذ فالوقف على {الرَّحْمَنُ}؛ وهو وقف كاف. وفي "البيضاوي": {الرَّحْمَنُ}: خبر للذي خلق السموات إن جعلته مبتدأ، أو خبر لمحذوف إن جعلت الموصول صفة لـ {الْحَيِّ}، أو بدل من المستكن في {اسْتَوَى} انتهى. وفي "تنوير المقياس": قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}: فيه تقديم وتأخير؛ أي: ثم استوى الرحمن على العرش اهـ. قرأ زيد بن علي {الرحمن} بالجر، والجمهور بالرفع.

{فَاسْأَلْ بِهِ}: متعلق بما بعده، وهو {خَبِيرًا} كما في قوله: {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ونظائره، والباء على معناه، والضمير في {بِهِ} يعود إلى ما ذكر من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش؛ أي: فاسأل يا محمد خبيرًا بما ذكر من الخلق والاستواء. والمراد بالخبير الله سبحانه؛ لأنه لا يعلم تفاصيل تلك المخلوقات إلا هو، كما قال: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} وقيل: الباء بمعنى عن، متعلقة بالسؤال. والضمير أيضًا يعود إلى ما ذكر من الخلق والاستواء. أي (٢): فاسأل يا محمد عما ذكر من الخلق والاستواء خبيرًا يخبرك بحقيقته، وهو الله تعالى، أو جبريل، أو من وجده في الكتب المتقدمة؛ ليصدقك فيه.

وقيل: الضمير في {بِهِ} للرحمن، والباء بمعنى عن؛ أي: إن أنكر هؤلاء


(١) المراح.
(٢) البيضاوي.