المراد أنهم لم يتغافلوا من قوارع النذر حتى يكونوا بمنزلة من لا يسمع ولا يبصر، وهذا من أحسن الاستعارات. وفيها التقريع والتعريض للكافرين بأنهم صم عمي، لا ينتفعون بما يقرؤون، ولا يعتبرون بما يشاهدون، ولا يتجاوز آذانهم ما يسمعون.
ومنها: الكناية في قوله: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} فإنه كناية عن الفرحة والمسرة، كما أن {الْغُرْفَةَ} كناية عن الدرجات العالية في الجنة، وفيها أيضًا نكتتان:
الأولى: تنكير {أَعْيُنٍ}، وإنما جنح إلى تنكيره لأجل تنكير {قُرَّةَ}، والمضاف لا يمكن تنكيره إلا بتنكير المضاف إليه؛ ليكون السرور غير متناه ولا محدود.
الثانية: تقليل {أَعْيُنٍ}؛ أي: جمعها جمع قلة، وإنما قللها؛ لأن أعين المتقين قليلة بالنسبة إلى غيرهم، يدل على ذلك قوله تعالى:{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.
ومنها: المقابلة اللطيفة بين نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار في قوله: {حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} مقابل قوله في أهل النار {سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}.