{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} لعل هنا للاستفهام الذي يراد به الإنكار، وقال العسكري: إنها للنهي، {بَاخِعٌ نَفْسَكَ}؛ أي: مهلكها من شدة الحزن، قال ذو الرمة.
وأصل البخع: أن يبلغ بالذبح البخاع، وذلك أقصى حد الذبح، والبخاع - بكسر الباء -: عرق في الصلب غير النخاع - بالنون مثلثة - فإنه الخيط الذي في جوف الفقار، ينحدر من الدماغ، ويتشعب منه شعب في الجسم. وفي "المصباح": وبخع نفسه بخعا من باب نفع قتلها من وجد أو غيظ، وبخع لي بالحق بخوعًا انقاد وبذله.
{أَعْنَاقُهُمْ} والأعناق: الجماعة، يقال: جاءت أعناق الناس؛ أي: جماعة منهم. {ذِكْرٍ}؛ أي: موعظة. {أَنْبَاءُ} والمراد بالأنباء: ما سيحل بهم من العذاب. {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} والكريم من كل شيء مرضيه ومحموده، يقال: وجه كريم؛ أي: مرضي في حسنه وجماله، وكتاب كريم مرضي في معانيه وفوائده، وفارس كريم مرضي في شجاعته وبأسه.
{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} والمناداة والنداء: رفع الصوت، وأصله من الندى؛ وهو الرطوبة، واستعارته للصوت من حيث إنّ من تكثر رطوبة فمه حسن كلامه، ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الريق. {إِنِّي أَخَافُ} أمر من الأتيان، والإتيان: المجيء بسهولة. {إِنِّي أَخَافُ} والخوف: توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة، كما أن الرجاء والطمع توقع محبوب عن أمارة مظنونة أو معلومة.
{مُسْتَمِعُونَ}؛ أي: سامعون، والفرق بين السماع والاستماع أن السماع وكذا السمع مطلق إدراك الحروف والأصوات، فيوصف به سبحانه، والاستماع طلب السمع بالإصغاء بالأذن، وهو محال عليه تعالى؛ لأن سمعه ليس بالجارحة.