ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: {فَانْفَلَقَ}؛ أي: فضرب فانفلق.
ومنها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: {كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}؛ أي: كالجبل في رسوخه وثباته، ذكرت أداة التشبيه وحذف وجه الشبه.
ومنها: الإطناب في قوله: {نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ}؛ لأنه كان مقتضى جواب السؤال؛ وهو {مَا تَعْبُدُونَ} أن يقولوا: أصنامًا؛ لأنه سؤال عن المعبود فحسب، ولكنهم أضافوا إلى الجواب زيادة شرحوا بها قصتهم كاملة؛ لأنهم قصدوا إظهار ابتهاجهم وإعلان افتخارهم، وذلك شائع في الكلام، وقالوا: نظل؛ لأنهم كانوا يعكفون على عبادتها في النهار دون الليل، وهذه هي مزية الإطناب.
ومنها: التعريض في قوله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧)} فإنه صور المسألة في نفسه والعداوة مستهدفة شخصه، كأنه يعرض بهم قائلًا: لقد فكرت في المسألة مليًا، وأمعنت النظر فيها طويلًا، فرأيت عبادتي لها عبادة للعدو الذي يتربص بي الدوائر.
ومنها: الطباق بين {يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ}، وكذلك بين {يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ}.
ومنها: مراعاة الأدب في قوله: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠)} لم يقل وإذا أمرضني، بل أسند المرض لنفسه تأدبًا مع الله سبحانه؛ لأن الشر لا ينسب إليه تعالى أدبًا، وإن كان المرض والشفاء كلاهما بيده تعالى وقدرته، وللإشارة إلى أن كثيرًا من الأمراض تحدث بتفريط الإنسان في مأكله ومشربه وغير ذلك.
ومنها: حسن النسق في هذه الجمل، فإنه قدم الخلق الذي يجب تقديم الاعتداد به من الخالق على المخلوق، واعتراف المخلوق بنعمته فإنه أول نعمة، وفي إقرار المخلوق بنعمة الإيجاد من العدم إقراره بقدرة الخالق على الإيجاد والاختراع وحكمته، ثم ثنَّى بنعمة الهداية التي هي أولى بالتقديم بعد نعمة الإيجاد من سائر النعم، ثم ثلّث بالإطعام والإسقاء اللذين هما مادة الحياة،