الْقِيَامَةِ} تقدّم أنَّ الياء فيه منقلبة عن واو؛ لأنّه من قام يقوم قيامًا، أصله: قواما {مَسَاجِدَ اللَّهِ} جمع مسجد: اسم لمكان السجود، وكان قياسه أن يكون على وزن مَفْعَلٍ بالفتح، لانضمام عين مضارعه، نظير مدخل من دخل يدخل، ولكنه شذَّ كسره كما شذَّتْ ألفاظٌ أخر في كتب الصرف، كالمشرق، والمغرب، والمطلع، والمنِسك، والمجزِر، والمنِبت، والمسقِط، ويجوز فيها الفتح والكسر، ولكن السماع أفصح. كما بسطنا الكلام في شرحنا "مناهل الرجال على لاميّة الأفعال" وقد سمع مسجَد بالفتح على الأصل، وقد تبدل جيمه ياءً، ومنه: المَسْيِد في لغةٍ. اهـ. "سمين". {وَسَعَى} أصله: سَعَيَ بوزن فعل، قلبت الياء ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها {خَائِفِينَ} أصله: خاوفين لأن مادته خوفَ واوي العين أعلت عين فعله فقلبت ألفًا. فقيل: خاف، فحمل الوصف على فعله في الإعلال، فأعلّ بإبدال الواو همزةً، إذ القياس أن يقال: خاوفين، وقس عليه ما شابهه، فقالوا: قائل بدل قاول، وقالوا بائع بدل بايع {فِي الدُّنْيَا} تقدّم أنَّ الياء في الدنيا منقلبة عن واوٍ، فأصله: الدنو، وتقدّم علَّةُ هذا القلب.
البلاغة
وقد تضمَّنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستفهام التقريريُّ، وهو حمل المخاطب على الإقرار بما عُلِم عنده ثبوته، أو نفيه في قوله:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ أي: إنّك علمت.
ومنها: تخصيصه - صلى الله عليه وسلم - بالخطاب في قوله:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} مع أنَّ غيره داخلٌ في الخطاب أيضًا، بدليل قوله فيما بعد:{وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ إيذانًا بأنَّ المقصود من الخطاب تقرير علم المخاطب، وهو - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق.
ومنها: تخصيص السموات والأرض بالذكر مع أنّه تعالى له ملك الدنيا