ومنها: قوة اللفظ لقوة المعنى في قوله: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا} وهذا مما انفرد في التنبيه إليه ابن جنّي في كتاب "الخصائص"، فإن الكبكبة تكرير الكب، جعل التكرير في اللفظ دليلًا على التكرير في المعنى، كأنه إذا ألقي في جهنم ينكب مرة بعد أخرى، حتى يستقر في قعرها, وليست الزيادة في اللفظ دالة على قوة المعنى بصورة مطردة، بل إن المدار في ذلك على الذوق، خذ لك مثالًا زيادة التصغير، فهي زيادة نقص، فرجيل أنقص من رجل في المعنى، ولكنه أكثر حروفًا منه.
ومنها: التعبير بصيغة المضارع في قوله: {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)} لاستحضار الصورة الماضية.
ومنها: الإيضاح في قوله: {وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١)}؛ وهو أن يذكر المتكلم كلامًا في ظاهره لبس، ثم يوضحه في بقية كلامه، فإن الصديق الموصوف بصفة حميم هو الذي يفوق القرابة، ويربو عليه، وهو أن يكون حميمًا، فالحميم من الاحتمام؛ وهو الاهتمام؛ أي: صديق يهمه أمرنا ويهمنا أمره.
ومنها: التكرير في قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} للتأكيد والتقرير في النفوس مع كونه علق كل واحد منهما بسبب؛ وهو الأمانة في الأول، وقطع الطمع في الثاني، ونظيره قولك لولدك: ألا تتقي الله في عقوقي وقد ربيتك صغيرًا، ألا تتقي في عقوقي وقد علمتك كبيرًا.
ومنها: إطلاق الكل وإرادة البعض في قوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)} حيث عبّر بالمرسلين عن نوح عليه السلام، وكذا فيما بعده من الأنبياء، وإنما ذكره بصيغة الجمع تعظيمًا له، وتنبيهًا على أن من كذب رسولًا فقد كذب جميع المرسلين.
ومنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ}.
ومنها الاستعارة التصريحية التبعية في قوله:{فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا}؛ أي: احكم بيننا وبينهم بحكمك العادل، استعار الفتّاح للحاكم، والفتح للحكم؛ لأنه