٣ - وكثرة قول الشعر في توحيد الله والنبوة ودعوة الخلق إلى الحق.
٤ - وأن لا يهجو أحدًا إلا انتصارًا ممن يهجوه اتباعًا لقوله سبحانه:{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} كما كان يفعل عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت وكعب بن مالك وكعب بن زهير حين كانوا يهجون المشركين منافحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لكعب بن مالك:"أهجهم فوالذي نفسي بيده لهو أشد عليهم من رشق النبل"، وكان يقول لحسان بن ثابت:"قل وروح القدس معك" وفي رواية: "أهجهم وجبريل معك"، وإلى هذا أشار بقوله
سبحانه:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله. استثناء للشعراء المسلمين. {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} بامتثال الأوامر واجتناب النواهي. {وَذَكَرُوا اللَّهَ} ذكرًا {كَثِيرًا} في أشعارهم بأن كان أكثر أشعارهم في التوحيد والثناء على الله، والحث على طاعته، والحكمة والموعظة، والزهد في الدنيا والترغيب في الآخرة، أو بأن لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله سبحانه، ولم يجعلوه همهم وعادتهم، قال أبو يزيد: الذكر الكثير ليس بالعدد والغفلة، لكنه بالحضور.
{وَانْتَصَرُوا}؛ أي: انتقموا ممن هجاهم بالهجو {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}؛ أي: من بعدما ظلمهم الكفار بالهجو؛ أي: ردوا هجاء من هجا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين. وأحق الخلق بالهجو من كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهجاه، كما وقع ذلك الانتصار من شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنهم كانوا يهجون من هجاه ويحمون عنه، ويذبون عن عرضه، ويكافحون شعراء المشركين وينافحونهم. ويدخل في هذا من انتصر بشعره لأهل السنة وكافح أهل البدعة، وزيف ما يقوله شعراؤهم من مدح بدعتهم، وهجو السنة المطهرة، كما يقع ذلك كثيرًا من شعراء الرافضة ونحوهم، فإن الانتصار للحق بالشعر وتزييف الباطل به من أعظم المجاهدة، وفاعله من المجاهدين في سبيل الله، المنتصرين لدينه، القائمين بما أمر الله بالقيام به.
وروى ابن جرير عن محمد بن إسحاق أنه لما نزلت هذه الآية .. جاء