للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يبكون، قالوا: قد علم الله حين أنزل هذه أنا شعراء، فتلا النبي - صلى الله عليه وسلم -: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قال: أنتم {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} قال: أنتم {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}: قال أنتم؛ أي بالرد على المشركين، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "انتصروا ولا تقولوا إلا حقًا، ولا تذكروا الآباء والأمهات". فقال حسان لأبي سفيان بن حرب:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِيْ ذَاكَ الْجَزَاءُ

وَإِنَّ أبِيْ وَوَالِدَهُ وَعِرْضِيْ ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

أتَشْتُمُهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ ... فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ

لِسَانِي صَارِمٌ لَا عَيْبَ فِيْهِ ... وَبَحْرِيْ لَا تُكَدَّرُهُ الدِّلَاءُ

وقال كعب: يا رسول الله إن الله قد أنزل في الشعر ما قد علمت، فكيف ترى فيه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن يجاهد بنفسه وسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل" وقال كعب:

جَاءَتْ سَخِيْنَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا ... وَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد مدحك الله يا كعب في قولك هذا".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة في عمرة القضاء وابن رواحة يمشي بيديه؛ وهو يقول:

خَلُّوا بَنِيْ الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيْلِهِ ... الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيْلِهِ

ضَرْبًا يُزِيْلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيْلِهِ ... وَيُذْهِلُ الْخَلِيْلَ عَنْ خَلِيْلِهِ

فقال عمر: يا ابن رواحة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خَلِّ عُنْفَهُ يا عمر، فَلَهِيَ أسرع فيهم من نضح النبل". أخرجه الترمذي والنسائي.