للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل في مدح الشعر (١)

روى البخاري عن أبيّ بن كعب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "إن من الشعر لحكمة". وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل يتكلم بكلام، فقال: "إن من البيان سحرًا، وإن من الشعر حكمًا" أخرجه أبو داود.

وروى مسلم عن عمرو بن الثريد عن أبيه، قال: ردفت وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا: "هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ " قلت نعم. قال: "هيه"، فأنشدته بيتًا. الحديث كما مر آنفًا.

وعن جابر بن سمرة قال: جالست النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مئة مرة، فكان أصحابه يتناشدون الشعر، ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت، وربما تبسم معهم. أخرجه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح.

وقالت عائشة - رضي الله عنها -: الشعر كلام: فمنه حسن، ومنه قبيح، فخذ منه الحسن، ودع منه القبيح. وقال الشعبي: كان أبو بكر يقول الشعر، وكان عمر يقول الشعر، وكان علي أشعر منهما. وروي عن ابن عباس أنه كان ينشد الشعر، ويستنشده في المسجد، فيروى أنه دعا عمر بن ربيعة المخزومي، فاستنشده القصيدة التي قالها، فقال:

أَمِنْ آلِ نُعْمَى أَنْتَ غَادٍ فَمُبْكِرُ ... غَدَاةَ غَدٍ أَمْ رَائِحٌ فَمُهَجِّرُ

فأنشده القصيدة إلى آخرها، وهي قريب من تسعين بيتًا، ثم إن ابن عباس أعاد القصيدة جميعها، وكان حفظها بمرة واحدة.

وبعد أن (٢) ذكر الله سبحانه من الدلائل العقلية، وأخبار الأنبياء المتقدمين ما يزيل الحزن عن قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم بين الدلائل على صدق نبوته، ثم


(١) الخازن.
(٢) المراغي.