{فَهُمْ يَعْمَهُونَ}؛ أي: يترددون ويتحيرون في أودية الضلال من العمه، وهو التردد في الأمر من التحير؛ أي: يترددون بين تركها؛ لأنها واضحة البطلان، ظاهر السوء، وبين الاستمرار عليها. وقيل: معنى {يَعْمَهُونَ}: يستمرون من غير تردد؛ إذ لم يدر في خلدهم لحظة الإقلاع عنها. ويقال في تصريفه: عمه يعمه - من باب ضرب وفتح - عمهًا وعموهًا وعموهية وعمهانًا إذا تحير في طريقه أو أره، وتردد في الضلال فهو عمه، وجمعه عمهون وعامه، وجمعه عامهون وعمه.
{سُوءُ الْعَذَابِ} والسوء: كل ما يسوء الإنسان ويغمه.
{الْأَخْسَرُونَ} أي: أشد الناس خسرانًا لحرمانهم الثواب، واستمرارهم في العذاب.
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ}؛ أي: لتلقن وتعطي، يقال: تلقى الكلام من فلان ولقنه إذا أخذه من لفظه وفهمه. وعبارة "القرطبي": أي: يلقى إليك فتتلقاه، وتعلمه وتأخذه من لدن حكيم عليم. وفي "السمين": لقي مخففًا يتعدى لواحد، ومضعفًا يتعدى لاثنين، فأقيم أولهما هنا مقام الفاعل، والثاني:{الْقُرْآنَ}. اهـ.
{إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} أي: أبصرت إبصارًا حصل لي به أنس، يقال: آنست نارًا، وآنست فزعًا، وآنست منه رشدًا، فهو يطلق على المادي والمعنوي.
{بِخَبَرٍ} أي: عن الطريق وحاله. {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ}؛ أي: بشعلة نار قبس؛ أي: بقطعة من النار مقبوسة، ومأخوذة من أصلها. يقرأ بإضافة {بِشِهَابٍ} إلى {قَبَسٍ}، فالإضافة فيه للبيان؛ لأن الشهاب يكون قبسًا وغيره، كالكوكب فهو من إضافة النوع إلى جنسه، كخاتم حديد وثوب خز، وهي بمعنى من؛ أي: شهاب من قبس، ويقرأ بتنوين {شِهَابٍ}، فـ {قَبَسٍ} على هذا بدل منه، أو نعت له على تأويله بالمفعول؛ أي: شهاب مقتبس؛ أي: مأخوذ من نار، فالشهاب الشعلة، والقبسس النار. والشهاب في الأصل كل مضيء متولد من النار، وما يرى كأنه كوكب انقض، والكوكب عمومًا، والسنان لما فيه من البريق، وجمعه شهب وشُهبان وشِهبان وأشهب، ويقال: فلان شهاب حرب إذا كان ماضيًا فيها،