وتخنيث يشبه كلام النساء، وأمرت الجواري أن يكلموه بكلام فيه غلظة يشبه كلام الرجال، ثم قالت للرسول: انظر إلى الرجل إذا دخلت عليه، فإن نظر إليك نظرًا فيه غضب .. فاعلم أنه ملك فلا يهولنك منظره، فإنا أعز منه، وإن رأيت الرجل بشاشًا لطيفًا .. فاعلم أنه نبي فتفهم قوله، ورد الجواب، فانطلق الرسول بالهدايا، وأقبل الهدهد مسرعًا إلى سلميان فأخبره الخبر، فأمر سليمان الجن أن يضربوا لبنًا من الذهب والفضة ففعلوا، وأمرهم بعمل ميدان مقدار تسع فراسخ، وأن يفرش فيه لبن الذهب والفضة، وأن يخلوا قدر تلك اللبنات التي معهم، وأن يعملوا حول الميدان حائطًا مشرفًا من الذهب والفضة ففعلوا، ثم قال سليمان: أي دواب البر والبحر أحسن، فقالوا يا نبي الله رأينا في بحر كذا دواب مختلفة ألوانها لها أجنحة وأعراف ونواص، قال: عليَّ بها، فأتوه بها، فقال: شدوها عن يمين الميدان وشماله، وقال للجن: عليَّ باولادكم، فاجتمع منهم خلق كثير فأقامهم على يمين الميدان وشماله، ثم قعد سليمان في مجلسه على سريره، ووضع أربعة آلاف كرسي على يمينه وعلى شماله، وأمر الجن والإنس والشياطين والوحوش والسباع والطير، فاصطفوا فراسخ عن يمينه وشماله، فلما دنا القوم من الميدان، ونظروا إلى ملك سليمان، ورأوا الدواب التي لم يروا مثلها تروث على لبن الذهب والفضة .. تقاصرت إليهم أنفسهم، ووضعوا ما معهم من الهدايا، وقيل: إن سليمان لما فرش الميدان بلبنات الذهب والفضة .. ترك من طريقهم موضعًا على قدر ما معهم من اللبنات، فلما رأى الرسل موضع اللبنات خاليًا خافوا أن يتهموا بذلك، فوضعوا ما معهم من اللبن في ذلك الموضع، ولما نظروا إلى الشياطين هالهم ما رأوا وفزعوا، فقالت لهم الشياطين: جوزوا لا بأس عليكم، وكانوا يقرون على كراديس الإنس والجن والوحش والطير حتى وقفوا بين يدي سليمان، فأقبل عليهم بوجه طلق، وتلقاهم متلقى حسنًا، وسألهم عن حالهم، فأخبره رئيس القوم بما جاؤوا فيه، وأعطاه كتاب الملكة فنظر فيه، وقال: أين الحقة؟ فأتي بها، فحركها فجاءه جبريل عليه السلام، فأخبره بما فيها، فقال لهم: إن فيها درة ثمينة غير مثقوبة، وجزعة فقال الرسول صدقت فأثقب الدرة، وأدخل الخيط في الجزعة، فقال سليمان: من لي بثقبها؟ وسأل الإنس