للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأجفان وفتحها للنظر، وارتداده انضمامها.

قال شيخ الإِسلام (١): القائل في قوله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} هو كاتب سليمان واسمه آصف. فإن قلت: كيف قدر مع أنه غير نبي على ما لم يقدر عليه سليمان من إحضار عرش بلقيس في طرفة عين؟ قلت: يجوز أن يخص غير النبي بكرامة لا يشاركه فيها النبي، كما خصت مريم بأنها كانت ترزق من فاكهة الجنة، وزكريا لم يرزق منها، ولم يلزم من ذلك فضلها على زكريا، وقد نقل أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا أراد الخروج إلى الغزاة .. قال لفقراء المهاجرين والأنصار ادعو لنا بالنصرة، فإن الله سبحانه ينصرنا بدعائكم، ولم يكونوا أفضل منه مع أن كرامة التابع من جملة كرامة المتبوع.

ويحكى: أن العلم الذي كان عند آصف هو اسم الله الأعظم، فدعا به، فأجيب له في الحال، وهو عند أكثر العلماء كما قال البندنيجي اسم الله، وقيل: يا حي يا قيوم، وقيل: يا ذام الجلال والإكرام، وقيل: الله يا رحمن، وقيل: يا إلهنا وإله كل شيء إلهًا واحدًا لا إله إلا أنت. انتهى.

قال بعضهم (٢): أراد سليمان أن يظهر كرامة أمته؛ ليعلم أن في أمم الأنبياء أهل الكرامات؛ لئلا ينكروا من كرامات الأولياء. وقال محمد بن المنكدر: إنما الذي عنده علم هو سليمان نفسه، قال له عالم من بني إسرائيل: أنت النبي ابن النبي، وليس أحد أوجه منك عند الله، فإن دعوت الله كان العرش عندك، فقال: صدقت، ففعل ذلك، فجيء بالعرش في الوقت.

قال الرازي: وهذا القول أقرب، والمخاطب العفريت الذي كلمه، وأراد سليمان عليه السلام إظهار المعجزة فطالبه أولًا، ثم بين أنه يتحصل له من سرعة الإتيان بالعرش ما لا يتهيأ للعفريت. قيل: خر سليمان ساجدًا ودعا باسم الله الأعظم، فغاب العرش تحت الأرض حتى ظهر عند كرسي سليمان. وإنما هذا


(١) فتح الرحمن.
(٢) المراح.