أقرب؛ لأن سليمان كان أعرف بالكتاب من غيره؛ لأنه نبي، وإن إحضار العرش في تلك الساعة اللطيفة درجة عالية، فلو حصلت لآصف .. لاقتضى ذلك تفضيله على سليمان، ولو افتقر إليه في ذلك .. لاقتضى ذلك نقص حال سليمان في اْعين الخلق، ولأن ظاهر قوله:{هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} يقتضي أن يكون إتيان العرش بدعاء سليمان. انتهى.
قوله:{فَلَمَّا رَآهُ} قبله حذف، تقديره: فأذن له سليمان، فدعا الله، فأتي به فلما رآه سليمان؛ أي: فلما رأى سليمان العرش {مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ}؛ أي: حاضرًا لديه؛ أي: متحولًا إليه من مأرب إلى الشام في قدر ارتداد الطرف {قَالَ} سليمان شاكرًا لربه لما آتاه الله سبحانه من هذه الخوارق {هذا}؛ أي: إتيان العرش في هذه المدة القصيرة {مِنْ فَضْلِ رَبِّي}؛ أي: من إحسانه إلى من غير استحقاق له من قبلي أكرمني به {لِيَبْلُوَنِي}؛ أي: لكي يختبرني {أَأَشْكُرُ} بذلك، واعترف بأنه من فضله من غير حول منى ولا قوة. {مْ أَكْفُرُ} بترك الشكر عليه، وعدم القيام به، أو بأن أثبت لنفسي تصرفًا في ذلك.
قال الأخفش: المعنى لينظر أأشكر أم أكفر. والابتلاء: الاختبار، وإذا قيل (١): ابتلي فلان بكذا وبلاه .. يتضمن أمرين:
أحدهما: تعرف حاله، والوقوف على ما يجهل من أمره.
والثاني: ظهور جودته ورداءته، وربما قصد به الأمران، وربما يقصد به أحدهما، فإذا قيل بلاه الله كذا، وابتلاه .. فليس المراد إلا ظهور جودته، أو رداءته دون التعرف لحاله، والوقوف على ما يجهل منه؛ إذ كان تعالى علام الغيوب.
{أَأَشْكُرُ} بأن أراني محض فضله تعالى من غير حول من جهتي ولا قوة، وأقوم بحقه {أَمْ أَكْفُرُ} بأن أجد لنفسي مدخلًا في البين، وأقصر في إقامة موجبه، و {أَمْ} هنا متصلة.