للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروي: أنّه لمَّا أتى إبراهيم بإسماعيل وهاجر، ووضعهما بمكة، وأتت على ذلك مُدّةٌ، ونزلها الجرهميُّون، وتزوَّج إسماعيل منهم امرأة، وماتت هاجر، استأذن إبراهيم سارة في أن يأتي هاجر، فأذنت له، وشرطت عليه أن لا ينزل، فقدم إبراهيم، وقد ماتت هاجر، فذهب إلى بيت إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ذهب يتصيَّد، وكان إسماعيل يخرج من الحرم، فيصيد، فقال لها إبراهيم: هل عندك ضيافة؟ قالت: ليست عندي، وسألها عن عيشهم؟ فقالت: نحن في ضيق وشدّةٍ، فشكت إليه، فقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: فليغيِّر عتبة بابه، والمراد: ليطلِّقكِ، فإنّك لا تصلحين له امرأةً، وذهب إبراهيم، فجاء إسماعيل، فوجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحدٌ؟ قالت: جاءني شيخٌ صفته كذا وكذا، كالمستخفَّة بشأنه، قال: فما قال لك؟ قالت: قال: أقرئي زوجك السلام وقولي له: فليغيِّر عتبة بابه، قال: ذلك أبي، وقد أمرني أن أُفارقك، ألحقي بأهلك، فطلَّقها وتزوَّج منهم أخرى، فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث، ثُمَّ استأذن سارة في أن يزور إسماعيل، فأذنت له، وشرطت عليه أن لا ينزل، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ذهب يتصيَّد، وهو يجيء الآن إن شاء الله، فأنزل رحمك، قال: هل عندك ضيافةٌ؟ قالت: نعم، فجاءت باللبن، واللحم، وسألها عن عيشهم؟ قالت: نحن في خير وسعة، فدعا لهما بالبركة، ولو جاءت يومئذٍ بخبز بُرٍّ، أو شعيرٍ، أو تمرٍ لكانت أكثر أرض الله بُرًّا، أو شعيرًا، أو تمرًا، وقالت له: انزل حتى أغسل رأسك، فلم ينزل، فجاءت بالمقام فوضعته على شقِّه الأيمن، فوضع قدمه عليه وهو راكبٌ، فغسلت شقَّ رأسه الأيمن، ثمّ حوَّلته إلى شقه الأيسر، فغسلت شقَّ رأسه فبقي أثر قدميه عليه، وقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: قد استقامت بابك، فلمَّا جاء إسماعيل وجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ قالت: نعم، جاء شيخٌ أحسن الناس وجهًا، وأطيبهم ريحًا، فقال لي: كذا وكذا، وغسلت رأسه، وهذا موضع قدميه، فقال: ذلك إبراهيم، وأنت عتبة بابي، أمرني أن أمسكك، ثُمَّ لبث عنهم ما شاء الله، ثُمَّ جاء بعد ذلك، وإسماعيل يبري نبلًا تحت دوحة قريبة من زمزم، فلمَّا رآه قام