من غير ألف وياء، السابعة: أبراهوم بالواو. اهـ. "سمين". وإسماعيل: اسم أعجمي، وفيه لغتان: اللام والنون، ويجمع على سماعلة، وسماعيل، وأساميع، ومن أغرب ما نقل في تسميته: أنَّ إبراهيم لما دعا الله تعالى أن يرزقه ولدًا، كان يقول في دعائه: اسمع إيل! اسمع إيل! وإيل: اسم الله تعالى بالسريانية، فلمَّا ولد سمَّاه بذلك؛ أي: أمرناهما، وألزمناهما، وأوجبنا عليهما أن طهِّرا بيتي؛ أي: أن أسساه وابنياه على التوحيد، وطهِّراه من الأوثان والأنجاس، وعن كُلِّ ما لا يليق به من كُلِّ رجسٍ حسيٍّ ومعنوي، كاللغو، والرَّفث، والتنازع فيه حين أداء العبادات، كالطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والعكوف فيه، وكالشرك، والرياء، والسمعة، إلى غير ذلك، والمراد: احفظاه من أن ينصب حوله شيءٌ منها، وأقراه على طهارته، وإلّا لم يكن هناك إذ ذاك أوثانٌ عند البيت حتى يطهَّر منها، ونظيره قوله تعالى:{وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} فإنّهنّ لم يُطهَّرن من نجس، بل خلقهن طاهراتٍ، كقولك للخياط: وسِّع كم القميص، فإنّك لا تريد أن تقول: أزل ما فيه من الضِّيق، بل المراد: اصنعه ابتداءً واسع الكمّ.
والحكمة في جعل الله سبحانه معبدًا لعباده، وهو هذا البيت؛ لأنَّ الخلق في حاجةٍ إلى التوجّه إلى خالقهم بشكر، والثناء عليه، والتوسّل إليه لاستمداد رحمته، ومعونته، وهم يعجزون عن التوجه إلى موجودٍ غيبيٍّ، لا يتقيَّد بمكان، ولا ينحصر في جهة، فعيَّن لهم مكانًا نسبه إليه رمزًا إلى أنَّ ذاته المقدَّسة تحضره والحضور الحقيقيُّ مَحالٌ عليه، فالمراد: أنَّ رحمته الإلهية تحضره، ومن ثمَّ كان التوجُّه إلى هذا المكان، كالتوجُّه إلى تلك الذات العليَّة لو وجد العبد إلى ذلك سبيلًا، وانظر حكمة تخصيص هذه البقعة من بين بقاع الأرض باتخاذه معبدًا، فإنَّه من الذخائر المدفونة في قلوب خواص عباده.
{لِلطَّائِفِينَ}؛ أي: للزائرين الدائرين حوله {وَالْعَاكِفِينَ}؛ أي: المقيمين عنده، والمعتكفين فيه؛ أي: المجاورين الذين عكفوا عنده؛ أي: أقاموا عنده لا يرجعون، ولا يذهبون، ولا يرتحلون منه، وهذا في أهل الحرم، والأول؛ أعني: الطائفين في الغرباء القادمين إلى مكة للزيارة والطواف، وإن كان الطواف لا