وإن أثر في محله. {ظَهِيرًا}؛ أي: معينًا. {هَالِكٌ}؛ أي: معدوم.
{لَهُ الْحُكْمُ} الحكم: القضاء النافذ، الذي لا معقب له في الدنيا والآخرة، كما مر.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: القلب في قوله: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}؛ لأن أصل الكلام لتنوء العصبة بالمفاتح؛ أي: لتنهض بها بجهد.
ومنها: المبالغة في وصف كنوز قارون، حيث ذكرها جمعًا، وجمع المفاتح أيضًا، وذكر النوء والعصبة وأولي القوة، وهذه المبالغة في القرآن من أحسن المبالغات وأغربها عند الحذاق، وهي أن يتقصى جميع ما يدل على الكثرة وتعدد ما يتعلق بما يملكه.
ومنها: حسن التعليل في قوله: {لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} فإن التعليل بجملة {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} تعليل حسن جميل؛ لأن الفرح المحض في الدنيا، من حيث إنها دنيا مذموم على الإطلاق، وأي فرح بشيء زائل وظل حائل.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {لَا تَفْرَحْ} و {الْفَرِحِينَ} و {الْفَسَادَ} و {الْمُفْسِدِينَ}.
ومنها: التتميم في قوله: {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}؛ لأنه تتميم لا بد منه؛ لأنه إذا لم يغتنمها ليعمل للآخرة، لم يكن له نصيب في الآخرة. ففي الحديث:"اغتنم خمسًا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
ومنها: التأكيد بـ {إن} واللام واسمية الجملة في قوله: {إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ