بيتًا وهو البيت المعمور، ويسمَّى ضراحًا، وأمر الملائكة أن يبنوا الكعبة في الأرض بحياله على قدره ومثاله. وقيل: أوّل من بنى الكعبة: آدم، واندرست زمن الطوفان، ثُمَّ أظهرها الله تعالى لإبراهيم عليه السلام.
وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنّه قال:(لمّا أهبط الله آدم من الجنة إلى الأرض، قال له: (يا آدم! اذهب فَابْنِ لي بيتًا، وطف به، واذكرني عنده كما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي) فأقبل آدم يتخطَّى، وطويت له الأرض، وقيِّضت له المفاوز، فلا يقع قدمه على شيء من الأرض إلّا صار عامرًا، حتى انتهى إلى موضع البيت الحرام، وأنَّ جبريل ضرب بجناحه الأرض، فأبرز عن الأسِّ الثابت على الأرض السابعة السفلى، وقدَّمت إليه الملائكة بالصخر، فما يطيق حمل الصخرة منها ثلاثون رجلًا، وأنَّه بناه من خمسة أجبل: طور سيناء؛ وطور زيتاء، ولبنان وهو جبلٌ بالشام، والجوديِّ هو جبلٌ بالجزيرة، وحراء وهو جبلٌ بمكة، وكان رَبَضُهُ من حراء؛ أي: الأساس المستدير بالبيت من الصخر، فهذا بناء آدم) وروي أنَّ الله خلق موضع البيت قبل الأرض بألفي عام، وكانت زُبَيْدةً بيضاء على الماء، فدحيت الأرض من تحته، فلما أهبط الله تعالى آدم إلى الأرض استوحش، فشكا إلى الله، فأنزل الله البيت المعمور من ياقوتةٍ من يواقيت الجنة، له بابان من زمرد أخضر، بابٌ شرقيٌّ، وبابٌ غربيٌّ، فوضعه على موضع البيت، وقال (يا آدم! إنّي أهبطت لك بيتًا، فطف به كما يطاف حول عرشي، وصلّ عنده كما يُصلَّى عند عرشي، وأنزل الحجر، وكان أبيض، فاسودَّ من لمس الحيَّض في الجاهلية. فتوجَّه آدم من أرض الهند إلى مكة ماشيًا، وقيَّض الله له ملكًا يدله على البيت، قيل لمجاهد: لِمَ لَمْ يركب قال: وأيُّ شيء كان يحمله إنَّ خُطْوَتَهُ مسيرة ثلاثة أيام، فأتى مكة، وحجَّ البيت، وأقام المناسك، فلمَّا فرغ تلقَّته الملائكة، فقالوا: برَّ حجُّك يا آدم! لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام).
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (حَجَّ آدم أربعين حجةً من الهند إلى مكة على رجليه، فبقي البيت يطوف به هو والمؤمنون من ولده إلى أيام الطوفان، فرفعه الله تعالى في تلك الأيام إلى السماء الرابعة، يدخله كُلَّ يوم سبعون ألف ملك، ثمّ لا يعودون إليه، وبعث الله جبرائيل حتى خبأ الحجر الأسود في جبل