بأمّهات، فاتخذها قرّاء الأمصار معتمد اختياراتهم، ولم يخالف أحد منهم مصحفه على النّحو الذي بلغه، وما وجد بين هؤلاء القرّاء السبعة من الاختلاف في حروف يزيدها بعضهم، وينقصها بعضهم، فذلك؛ لأنّ كلّا منهم على ما بلغه في مصحفه، ورواه، إذ قد كان عثمان كتب تلك المواضع في بعض المواضع، ولم يكتبها في بعض؛ إشعارا بأنّ كلّ ذلك صحيح، وأنّ القراءة بكل منها جائزة.
قال ابن عطيّة: ثمّ إنّ عثمان أمر بما سواها من المصاحف أن تحرق، أو تخرق، (تروى بالحاء غير منقوطة، وتروى بالخاء على معنى)، ثمّ تدفن، ورواية الحاء منقوطة أحسن. وذكر أبو بكر الأنباريّ في كتاب «الردّ» عن سويد بن غفلة قال: سمعت عليّ بن أبي طالب - كرّم الله وجهه - يقول:(يا معشر الناس اتقوا الله وإيّاكم والغلوّ في عثمان، وقولكم حرّاق المصاحف، فو الله، ما حرّقها إلّا عن ملأ منّا أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم). وعن عمر بن سعيد قال: قال عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (لو كنت الوالي وقت عثمان؛ لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان) قال أبو الحسن بن بطّال: وفي أمر عثمان بتحريق المصاحف، والصّحف حين جمع القرآن، جواز تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى، وأنّ ذلك إكرام لها، وصيانة عن الوطء بالأقدام، وطرحها في ضياع من الأرض.