{إِنَّ فِي ذَلِكَ} المذكور، من إيجاد النوم بعد النشاط، والنشاط بعد النوم، الذي هو الموت الأصغر، وإيجاد كل من الملوين بعد إعدامهما، والجد في الابتغاء، مع المفارقة في التحصيل {لَآيَاتٍ} عديدةً على القدرة والحكم، لا سيما البعث {لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} الآيات والمواعظ، سماع متفكر متدبر، فيستدلون بذلك على البعث؛ أي: شأنهم أن يسمعوا الكلام من الناصحين، سماع من انتبه من نومه، فجسمه مستريح نشيط، وقلبه فارغ عن مكدرٍ للنصح، مانع عن قبوله، وفيه إشارة إلى أن من لم يتأمل في هذه الآيات .. فهو نائم، لا مستيقظ، فهو غير مستأهل لأن يسمع.
قال في "برهان القرآن": ختم الآية بقوله: {يَسْمَعُونَ} لأن من سمع أن النوم من صنع الله الحكيم، لا يقدر أحد على اجتلابه إذا امتنع، ولا على دفعه إذا ورد .. تيقن أن له صانعًا مدبرًا.
قال الخطيب: معنى يسمعون هنا: يستجيبون لما يدعوهم إليه الكتاب.
واعلم (١): أن النوم فضل من الله سبحانه للعباد، ولكن للعباد أن لا يناموا إلا عند الضرورة، وبقدر دفع الفتور المانع من العبادة، ومن آداب النوم: أن ينام على الوضوء، وإذا استطاع الإنسان أن يكون على الطهارة أبدًا فليفعل؛ لأن الموت على الوضوء شهادة، ويستحب أن يضطجع على يمينه، مستقبلًا للقبلة عند أول اضطجاعه، فإن بدا له أن ينقلب إلى جانبه الآخر .. فعل، ويقول حين يضطجع: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العلم، وكان - عليه السلام - يقول: "باسمك ربي وضعت جنبي وبك