للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأبو الفضل الواسطي عنه، ومحبوب عن أبي عمرو: {لنذيقهم} بالنون، ذكره أبو حيان.

ومعنى الآية (١): أي ظهر الفساد في العالم، بالحروب والغارات والجيوش والطائرات والسفن الحربية والغواصات، بما كسبت أيدي الناس، من الظلم وكثرة المطامع وانتهاك الحرمات، وعدم مراقبة الخلاق، وطرح الأديان وراء ظهورهم، ونسيان يوم الحساب، وأطلقت النفوس من عقالها، وعاثت في الأرض فسادًا إذ لا رقيب من وازع نفسي، ولا حسيب من دين يدفع عاديتها، ويمنع أذاها، فأذاقهم الله جزاء بعض ما عملوا من المعاصي والآثام، لعلهم يرجعون عن غيهم، ويثوبون. إلى رشدهم، ويتذكرون أن هناك يومًا يحاسب الناس فيه على أعمالهم، إنْ خيرًا .. فخير، وإن شرًا .. فشر، فيخيم العدل على المجتمع البشري، ويشفق القوي على الضعيف، ويكون الناس سواسية في المرافق العامة وحاجَّ المجتمع بقدر الطاقة البشرية.

واعلم: أن الله تعالى (٢) غيَّر بشؤم المعصية أشياء كثيرة، غير صورة إبليس واسمه، وكان اسمه الحارث وعزازيل فسماه: إبليس، وغير لون حام بن نوح، بسبب أنه نظر إلى سوأة أبيه فضحك، وكان أبوه نوح نائمًا، فأخبر بذلك فدعا عليه، فسوده الله تعالى فتولد منه الهند والحبشة، وغير الصورة على قوم موسى فصيرهم دمًا، وعلى قوم عيسى فصيرهم خنازير، وغير ماء القبط ومالهم فصيرهما دمًا وحجرًا، وغير العلم على أمية بن أبي الصلت، وكان من بلغاء العرب - حيث كان نائمًا فأتاه طائر، وأدخل منقاره في فيه، فلما استيقظ نسي جميع علومه، وغير اللسان على رجل بسبب العقوق، حيث نادته والدته، فلم يجب فصار أخرس، وغير الإيمان على برصيصا، بسبب شرب الخمر والزنا بعدما عبد الله تعالى مئتين وعشرين سنة إلى غير ذلك.


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.