في "المفردات": الإنا إذا كسر أوله قصر، وإذا فتح مد، وأنى الشيء يأني: قرب إناه، ومثله: آن يئين؛ أي: حان يحين. اهـ.
{فَإِذَا طَعِمْتُمْ}؛ أي: تناولتم الطعام، فإن الطعم تناول الغذاء. {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ} من الاستئناس، وهو ضد الوحشة والنفور، كما مر. والاستئناس: طلب الأنس بالحديث، تقول: استؤنست بحديثه؛ أي: طلبت الأنس والسرور به، وما بالدار من أنيس؛ أي: ليس بها أحد يؤانسك أو يسليك.
{الحديث} الحديث: يستعمل في قليل الكلام وكثيره؛ لأنه يحدث شيئًا فشيئًا {كَانَ يُؤْذِي النَّبِيّ} والأذى: ما يصل إلى الإنسان من ضرر؛ إما في نفسه، أو في جسمه، أو فتياته دنيويًا كان أو أخرويًا.
{فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} من الحياء، والحياء: رقة تعتري وجه الإنسان عند فعل ما يتوقع كراهته، أو ما يكون تركه خيرًا من فعله. قال الراغب: الحياء: انقباض النفس عن القبائح، وتركه لذلك.
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: توافق الفواصل في قوله: {مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}، {وَسِرَاجًا مُنِيرًا}{عَلِيمًا حَلِيمًا}، {غَفُورًا رَحِيمًا}؛ لأنه من المحسنات البديعية تزيد الكلام رونقًا وحسنًا، وهو من خصائص القرآن الكريم.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: {بِإِذْنِهِ}؛ أي: بتيسيره وتسهيله، فأطلق الإذن، وأريد به التيسير مجازًا مرسلًا بعلاقة السببية؛ فإن التصرف في ملك الغير متعسر، فإذا أذن تسهل وتيسير، وإنما لم يحمل على حقيقته، وهو الإعلام بإجازة الشيء، والرخصة فيه لانفهامه من قوله:{أَرْسَلْنَاكَ}، {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ}، كما سبق.
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا}؛ أي: كالسراج في الاستضاءة