للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

به؛ لأنه يستضاء به في ظلمات الجهل والغواية، كما أن السراج الحسي، هو المصباح يستضاء به في ظلمات الليل، فحذف الأداة ووجه الشبه، وأصل هذا التشبيه: أنت يا محمد، كالسراج الوضاء في الهداية والإرشاد، حذفت منه أداة التشبيه ووجه الشبه، فأصبح بليغًا على حد قولهم: عليٌّ أسد، ومحمد قمر.

ومنها: الطباق بين قوله: {مُبَشِّرًا} و {نَذِيرًا}.

ومنها: أنه وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآيات بنعوت خمسة، وقوبل كل منها بخطاب يناسبه خلا أنه لم يذكر مقابل الشاهد صريحًا، وهو الأمر بالمراقبة؛ ثقةً بظهور دلالة مقابلة المبشّر عليه، وهو الأمر بالتبشير حسبما ذكر فيما سبق، وقوبل النذير بالنهي عن مداراة الكفار والمنافقين، والمسامحة في إنذارهم، وقوبل الداعي إليه تعالى بإذنه بالأمر بالتوكل عليه من حيث إنه عبارة عن الاستعداد منه تعالى، والاستعانة به، وقوبل السراج المنير بالاكتفاء به تعالى، فإن من أيده الله تعالى بالقوة القدسية، ورشحه بالنبوة، وجعله برهانًا نيرًا يهدي الخلق من ظلمات الغي إلى نور الرشاد، حقيقٌ بأن يكتفى به عن كل ما سواه. اهـ "أبو السعود".

ومنها: الكناية في قوله: {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} كنى بالنهي عن طاعتهم عن النهي عن مداراتهم في أمر الدعوة، وعن استعمال لين الجانب في التبليغ مبالغة في الزجر والتنفير عن المنهي عنه. اهـ "أبو السعود".

ومنها: المجاز المرسل في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}؛ لأن أصل النكاح الوطء، فأطلقه على عقد النكاح مجازًا مرسلًا تسميةً للسبب باسم المسبب، فإن العقد سبب الوطء المباح.

ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ}؛ لأن الطلاق أصل في إطلاق الناقة من عقالها، ثم استعير لتخلية المرأة من حبالة النكاح.

ومنا: الكناية في قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} كنى عن الجماع بالمس، وهي من الكنايات المشهورة، ومن الآداب القرآنية؛ لأن القرآن يتحاشى الألفاظ البذيئة.

ومنها: إسناد العدة إلى الرجال في قوله: {تَعْتَدُّونَهَا} دلالةً على أن العدة حقهم، كما أشعر به قوله: {فَمَا لَكُمْ}.

ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {وَسَرِّحُوهُنَّ}؛ لأن السراح