للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{مِنْ أَجْرٍ}؛ أي: جعل {يَقْذِفُ} القذف: الرمي البعيد بنحو الحجارة والسهم، ويستعار لمعنى الإلقاء. {يُبْدِئُ} يقال: أبدأ الشيء: فعله ابتداءً، وأعاده فعله ثانيًا. {فَلَا فَوْتَ}: بعد الشيء عن الإنسان، بحيث يتعذر إدراكه. {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا} والفزع: انقباض ونفار من الأمر المهول المخيف. {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} التناوش بالواو: التناول السهل لشيء قريب، من النوش، يقال: تناوش وتناول إذا مد يده إلى شيء يصل إليه، ومن همزه فإنه أبدل من الواو همزة لانضمامه، نحو: أقتت في وقتت، وفي "المصباح": ناشه نوشًا من باب قال: تناوله، والتناوش: التناول، يهمز ولا يهمز، وتناوشوا بالرماح: تطاعنوا بها. اهـ قال ابن السكيت: يقال للرجل إذا تناول رجلًا ليأخذ برأسه ولحيته: ناشه ينوشه نوشًا، ومنه: المناوشة في القتال، وذلك إذا تدانى الفريقان، وأنشدوا لغيلان بن حريث في وصف الإبل.

فَهْيَ تَنُوْشُ الْحَوْضَ نَوْشًا مِنْ عُلاَ ... نَوْشًا بِهِ تَقْطَعُ أَجْوَازَ الْفَلاَ

يريد أنها عالية الأجسام طويلة الأعناق.

{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ}؛ أي: يرجمون بالظنون التي لا علم لهم بها، والعرب تقول لكل من تكلم بما لا يستيقنه: هو يقذف بالغيب. {بِأَشْيَاعِهِمْ}؛ أي: بأشباههم ونظرائهم، جمع شيع، وشيع جمع شيعة فالأشياع جمع الجمع، كما في "القرطبي" وشيعة الرجل: أتباعه وأنصاره، وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع.

{فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}؛ أي: موقع في الريبة والظنة، يقال: أراب الرجل؛ أي: صار ذا ريبة، فهو مريب، ومن قال: هو من الريب الذي هو الشك والتهمة، قال: يقال شك مريب، كما يقال: عجيب عجيب، وشعر شاعر في التأكيد. اهـ "قرطبي".

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: التنكير في قوله: {مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ} للتهكم والتلهي.

ومنها: إضافة الآباء إلى ضمير المخاطبين، لا إلى أنفسهم في قوله: {عَمَّا كَانَ