وبابه: دخل، ولَغِب بالكسر لغوبًا لغة ضعيفة، فظاهر ما ورد في كتب اللغة أنهما متفقان في المعنى، ولكن الزمخشري فرَّق بينهما تفريقًا دقيقًا، فقال: فإن قلت: ما الفرق بين النصب واللغوب؟ قلت: النصب: التعب والمشقة التي تصيب المتنصب للأمر المزاول له، وأما اللغوب فما يلحقه من الفتور بسبب النصب، فالنصب نفس المشقة والكلفة، واللغوب نتيجته وما يحدث منه من الكلال والفترة. انتهى.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: تعريف الفقراء في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} للمبالغة في فقرهم، كأنهم لشدة افتقارهم وكثرة احتياجهم هم الفقراء فقط، وأن افتقار غيرهم بالنسبة إلى فقرهم كالعدم.
ومنها: الطباق بين {يذهب} و {وَيَأْتِ}، بين {الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}، و {الظُّلُمَاتُ} و {النُّورُ}، و {الظِّلُّ} و {الْحَرُورُ}، و {الْأَحْيَاءُ} و {الْأَمْوَاتُ}، وبين:{نَذِيرًا} و {بَشِيرًا}، وبين {سِرًّا} و {عَلَانِيَةً}.
ومنها: جناس الاشتقاق بين {تَزِرُ} و {تَزِرُ} و {وِزْرَ} في قوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، وبين {حِمْلِهَا} و {يُحْمَلْ} في قوله: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ}.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩)} الآية، شبه الكافر بالأعمى، والمؤمن بالبصير بجامع ظلام الطريق، وعدم الاهتداء على الكافر، ووضوح الرؤية، والاهتداء للمؤمن، ثم استعار المشبه به {الْأَعْمَى} للكافر، واستعار {البصير} للمؤمن بطريق الاستعارة التصريحية الأصلية.
ومنها: تكرار إلا في قوله: {وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} مبالغة في تأكيد النفي.
ومنها: تقديم الأعمى على البصير، والظلمات على النور، والظل على الحروو لتتطابق فواصل الآي.