كعني، ويقال منه ما أشغله وهو شاذ؛ لأنه لا يتعجب من المجهول. وأنكر شارح «القاموس» أشغل، وقال: لا يعرف نقله عن أحد من أئمة اللغة. قال في «المفردات» الشغل بضم الغين وسكونها: العارض الذي يذهل الإنسان. وفي «الإرشاد»: والشغل: هو الشأن الذي يصد المرء، ويشغله عما سواه من شؤونه، لكونه أهم عنده من الكل، إما لإيجابه كمال المسرة والبهجة، أو كمال المساءة والغم. والمراد هنا: هو الأول. وما فيه من التنكير والإبهام للإيذان بارتفاعه عن رتبة البيان، والمراد به: ما هم فيه من فنون الملاذ، التي تلهيهم عما عداها بالكلية، كما فصّلناه في مبحث التفسير.
{فاكِهُونَ}؛ أي: ناعمون أو متلذذون في النعمة، من الفكاهة بالضم. وهي التمتع والتلذذ، مأخوذ من الفاكهة. قال الجوهري في صحاحه: الفاكهة بالضم: المزاح، والفكاهة بالفتح: مصدر فكه الرجل بالكسر فهو فكه إذا كان طيب العيش فرحانا ذا نشاط من التنعم. فإذا فسرنا قوله:{فاكِهُونَ} بأنهم ناعمون كانت من الفكاهة بالفتح. وفي «القاموس»: الفاكهة: الثمر كله، وقول مخرج التمر والعنب والرمان منها مستدلًا بقوله تعالى:{فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} باطل مردود. والفاكهاني: بائعها، وكخجل آكلها، والفاكه صاحبها، وفكههم تفكيهًا أتاهم بها، والفاكهة: النخلة المعجبة واسم الحلواء، وفكههم بملح الكلام تفكيها أطرفهم بها، والاسم الفكيهة والفكاهة بالضم. وقال أبو زيد: الفاكه: الطيب النفس، الضحوك.
{وَأَزْواجِهِمْ} والمراد: نساءهم اللاتي كن لهم في الدنيا، أو الحور العين. {فِي ظُلَلٍ} جمع ظل كشعاب جمع شعب. والظل: ضد الضح، أو جمع ظلة، كقباب جمع قبة. وهو الستر الذي يسترك من الشمس. وقال في «المفردات»: ويعبر بالظل عن العز والمنعة، وعن الرفاهة. قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١)}؛ أي: في عزة ومنعة. وأظلني فلان؛ أي: حرسني، وجعلني في ظله؛ أي: في عزه ومنعته، {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} كناية عن نضارة العيش، انتهى.