للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} وأصل {سيق}: سوق بوزن فعل، مبني للمجهول، استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى فاء الكلمة فسكنت الواو بعد كسرة، فقلبت ياءً حرف مد، والسوق: الحث على السير بعنف وإزعاج، علامةً على الإهانة والاحتقار، والزمر: الأفواج المتفرقة بعضها في إثر بعض، والزمر: جمع زمرة، وهي الجمع القليل، ومنه قيل شاة زمرة: قليلة الشعر، واشتقاقها من الزمر؛ وهو الصوت، إذ الجماعة لا تخلو عنه. {خَزَنَتُهَا} واحدهم خازن، نحو سدنة وسادن.

{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ} أصله: طيب، بوزن فعل من باب باع، قلبت الياء ألفًا؛ لتحركها بعد فتح، ثم أسند الفعل إلى ضمير الرفع المتحرك، فصار اللفظ: طابتم، فالتقي الساكنان فحذفت الألف فصار طبتم، فاحتيج إلى معرفة عين الفعل المحذوفة، هل هي واو أو ياء؟ فحذفت حركة الفاء، وعوض عنها شكلة مجانسة لتلك العين المحذوفا، التي هي ياء، والمجانس لها هو الكسرة، فقيل {طِبْتُمْ} بوزن فلتم، بكسر الفاء. {نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ} يقال بوأت له مكانًا: سويته وهيأته.

{حَافِّينَ}؛ أي: محدقين محيطين بالعرش، مصطفين بحافته وجوانبه. اهـ "خازن". وعبارة السمين: قوله: حافين: جمع حاف، وهو المحدث بالشيء، من حففت بالشيء: إذا أحطت به، وهو مأخوذ من الحفاف وهو الجانب، وقال الفراء، وتبعه الزمخشري: لا واحد لـ {حَافِّينَ} من لفظه، وكأنهما رأيا أن الواحد لا يكون حافًا، إذ الحفوف هو الإحداق بالشيء والإحاطة به، وهذا لا يتحقق إلا في جمع. اهـ. وأصله: حاففين، أدغمت عينه في لامه، فقيل: حافين.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

واعلم: أنه قال علماء البيان: اشتمل قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)} على سبعة فنون من علمي البيان والبديع، نلخصها فيما يأتي.

١ - إقباله تعالى على عباده، وفي ذلك منتهى الاطمئنان لهم، لمحو ما سبق