مع ما فيه من الحساب والميزان، والجنة والنار، فاليهود أخلوا بهذا الإيمان حيث قالوا: لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودة، والنصارى أنكروا المعاد الجسماني.
والإيمان باليوم الآخر يعلم الإنسان أن له حياة أخرى في عالم غيبي غير هذا العالم، فلا يقصر سعيه وعمله على ما يصلح الجسد، ولا يجعل أكبر همه لذات الدنيا وشهواتها فحسب.
وثالثها: الإيمان بالملائكة، وذكره بقوله:{وَالْمَلَائِكَةِ}؛ أي: ولكن البرَّ برُّ من آمن بالملائكة؛ أي: صدق بوجودهم، وأنهم عباد الله لا يعصون ما أمرهم، فاليهود أخلوا بذلك حيث أظهروا عدواة جبريل عليه السلام، فالإيمان بالملائكة أصل للإيمان بالوحي، والنبوة، واليوم الآخر، فمن أنكرهم أنكر كل ذلك؛ لأن ملك الوحي هو الذي يفيض العلم بإذن الله على النبي بأمور الدين، كما قال تعالى:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}. وقال أيضًا: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)}.
ورابعها: الإيمان بكتب الله، وذكره بقوله:{وَالْكِتَابِ}؛ أي: ولكن البرَّ برُّ من آمن وصدق بكتب الله المنزلة من السماء، فاليهود والنصارى قد أخلوا بذلك حيث لم يقبلوا القرآن، فالإيمان بالكتب السماوية التي جاءت بها الأنبياء يستدعي امتثال ما فيها من أوامر ونواه؛ إذ من أيقن أن هذا الشيء حسن نافع .. توجهت نفسه إلى قبوله والعمل به، ومن اعتقد أنه ضار .. ابتعد عنه ونفرت نفسه منه.
وخامسها: الإيمان بالنبيين، وذكره بقوله:{وَالنَّبِيِّينَ}؛ أي: ولكن البرَّ برُّ من آمن بالنبيين؛ أي: صدق بنبوتهم وصحة ما جاؤوا به عن الله من الشرائع، فاليهود أخلوا بذلك حيث قتلوا الأنبياء، وطعنوا في نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -.