لأنهم يلقون الشبهات لطلب المال القليل، وذكره بقوله:{وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ}؛ أي: ولكن البرَّ برُّ من أعطى المال على حبه؛ أي: لأجل حب الله ورضاه، أو أعطى مع حب المال، أو أعطى مع حب الإيتاء، يريد أن يعطيه، وهو طيب النفس بالإيتاء، فالضمير إما راجع إلى الله، أو إلى المال، أو إلى المصدر المفهوم من الفعل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال:"أن تصدق وأنت صحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان" متفق عليه؛ أي: أعطى المال في حال صحته ومحبته إياه {ذَوِي الْقُرْبَى}؛ أي: أصحاب قرابة المعطي؛ المحاويج منهم، وآثرهم به على نفسه، وإنما قيدناهم بالفقراء والمحاويج منهم؛ إذ الإعطاء للأغنياء هدية لا صدقة، كما ذكره الكرخي.
وإنما قدمهم على من بعدهم؛ لأنهم أحق بالإعطاء، وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذوي الرحم ثنتان صدقة وصلة" أخرجه النسائي.
وعن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنها أنها أعتقت وليدة - أي: جارية - ولم تستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي؟ قال:"أوقد فعلت"؟ قالت: نعم. قال:"أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك" متفق عليه.
والمراد بذوي القربى كل من بينه وبين المعطي قرابة بولادة، ولو كان غير محرم. {وَالْيَتَامَى}؛ أي: وأعطى يتامى المسلمين؛ يعني: الصغار الفقراء الذين لا والد لهم ولا كاسب؛ لأنهم في حاجة إلى معونة ذوي اليسار من المسلمين كيلا تسوء حالهم، وتفسد تربيتهم، فيكونوا ضررًا على أنفسهم وعلى الناس. {وَالْمَسَاكِينَ}؛ أي: وأعطى المحاويج الذين أقعدهم العجز عن طلب ما يكفيهم،