للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيجب على المسلمين أن يساعدوهم، ويقدموا لهم المعونة؛ إذ هم أعضاء من جسم الأمة، ومن مصلحة أفرادها التعاون والتآزر؛ حفظًا لكيانها، وإبقاءً على بنيانها من التداعي إلى الهدم والزوال، وهو جمع مسكين سمي بذلك؛ لأنه دائم السكون إلى الناس؛ لأنه لا شيء له. {وَابْنَ السَّبِيلِ}؛ أي: وأعطى المسافر المنقطع عن أهله؛ أي: المنقطع به السفر دون وطنه؛ لذهاب نفقته أو وقوف دابته سمي المسافر ابن السبيل؛ أي: الطريق، لملازمته إياها في السفر، أو لأن الطريق تبرزه، فكأنها ولدته، وفي أمر الشارع بمواساته وإعانته في سفره ترغيب منه في السياحة والضرب في الأرض. {وَالسَّائِلِينَ}؛ أي: وأعطى الطالبين للإحسان الذين اضطروا إلى تكفف الناس لشدة عوزهم، ولو كانوا أغنياء. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اعطوا السائل ولو جاء على فرس" أخرجه أبو داود.

وعن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعطوا السائل ولو جاء على فرسٍ" أخرجه مالك في "الموطأ"، وعن أم نجيد رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، إن المسكين ليقوم على بابي فلم أجد شيئًا أعطيه إياه. قال: "إن لم تجدي إلا ظلفًا محرقًا فادفعيه إليه في يده" أخرجه أبو داود، والترمذي وقال حديث حسن صحيح.

{وَفِي الرِّقَابِ}: معطوف على المفعول الأول، وهو {ذَوِي الْقُرْبَى}؛ أي: وأعطى المال ودفعه في فك الرقاب وتحريرها وعتقها، ويشمل ذلك ابتياع الأرقاء وعتقهم، ومساعدة الأسرى على الافتداء، وإعانة المكاتبين على أداء نجومهم. والمكاتَب: هو الرقيق الذي يشتري نفسه من مولاه بثمنٍ يجعله منجمًا بنجمين فأكثر.

والبذل لهذه الأصناف لا يتقيد بزمن معين، ولا بملك نصاب محدود من المال، ولا بتقدير المال المبذول بمقدار معين كالزكاة الواجبة، بل هو موكول إلى طاقة المعطي وحال المعطى، وقد أغفل الناس أداء هذه الحقوق التي حثَّ عليها الكتاب الكريم، مع ما فيها من التكافل العام بين المسلمين، ولو أدوها ..