للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لوقوعها متطرفةً إثر كسرة. {اخْتَرْنَاهُمْ}؛ أي: اصطفيناهم. {عَلَى عِلْمٍ}؛ أي: عالمين باستحقاقهم ذلك. {عَلَى الْعَالَمِينَ}؛ أي: عالمي زمانهم، وقوله: {اخْتَرْنَاهُمْ} أصل اختار اختير، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم لما أسند الفعل إلى ضمير الرفع التقى ساكنان، فحذفت الألف فوزنه افتلناهم {مِنَ الْآيَاتِ}؛ أي: المعجزات، كفلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى {بَلَاءٌ مُبِينٌ}؛ أي: اختبار ظاهر، أصل بلاء بلاو، أبدلت الواو همزة لتطرفها بعد ألف زائدة، وقوله: {مُبِينٌ} أصله: مبين بوزن مفعل نقلت حركة الياء إلى الباء، فسكنت إثر كسرة وصارت حرف مد.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: وضع الرب موضع الضمير في قوله: {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} للإيذان بأن ذلك من أحكام الربوبية ومقتضياتها؛ لأن مقتضى السياق أن يقال: رحمة منا، وفيه أيضًا الإضافة إلى ضميره - صلى الله عليه وسلم - للتشريف، وفيه أيضًا الالتفات من التكلم إلى الغيبة، ولو جرى على منوال ما تقدم لقال: رحمةً منا كما في "السمين".

ومنها: الطباق في قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ}.

ومنها: تكرار لفظ الرب، اعتناءً بشأن الربوبية.

ومنها: الإسناد العقلي في قوله: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ} حيث أسند الإتيان إلى السماء؛ لأن كلها عن الإمطار كان سببًا في الدخان، فهو من قبيل إسناد الشيء إلى سببه.

ومنها: المجاز المرسل في قوله: {بِدُخَانٍ} حيث أطلق الدخان على شدة القحط، وفلبة الجوع على سبيل الكناية، أو المجاز المرسل.

ومنها: صيغة الفاعل في قوله: {كَاشِفُو الْعَذَابِ}، وفي قوله: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} للدلالة على تحقق الكشف والمعاودة لا محالة، ولقد وقع كلاهما، حيث كشفه الله تعالى بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما لبثوا أن عادوا إلى ما كانوا فيه من