واختلفت الأئمة في الأفضل منها، فذهب مالك والشافعي إلى أن الإفراد أفضل، ثم التمتع، ثم القران، ويدل عليه ما روي عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد بالحج. أخرجه مسلم.
وله عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أهللنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج مفردًا، وفي رواية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بالحج مفردًا. وله عن جابر رضي الله عنه قال: قدمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحن نصرخ بالحج صراخًا.
وذهب الثوري وأبو حنيفة إلى أن القران أفضل، ويدل عليه ما روي عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي بالحج والعمرة جميعًا، وفي رواية: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لبيك عمرة وحجًّا". أخرجاه في "الصحيحين".
وذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إلى أن التمتع أفضل، ويدل عليه ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فأول من نهى عنها معاوية. أخرجه الترمذي.
واختلفت الروايات في حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل كان مفردًا، أو متمتعًا، أو قارنًا؟ وهي ثلاثة أقوال للعلماء بحسب مذاهبهم السابقة، ورجحت كل طائفة نوعًا، وادعت أن حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك، وطريق الجمع بين روايات الصحابة واختلافهم في حجته - صلى الله عليه وسلم - أنه كان أولًا مفردًا، ثم أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالعمرة بعد ذلك، وأدخلها على الحج، فصار قارنًا.
فمن روى أنه كان مفردًا فهو الأصل، ومن روى القِران اعتمد آخر الأمر، ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي، وهو الانتفاع والارتفاق، وقد ارتفق بالقِران كارتفاق التمتع وزيادة، وهو الاقتصار على عمل واحد، وبهذا أمكن الجمع بين الروايات المختلفة في صفة حجة الوداع، وهو الصحيح.
واختار الشافعي الإفراد واحتج في ترجيحه بأنه صح ذلك من رواية جابر وابن عمر وابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم - وهؤلاء لهم مزية في حجة