الوداع على غيرهم، فأما جابر رضي الله عنه: فهو أحسن الصحابة سياقة لرواية حديث حجة الوداع، فإنه ذكرها من حين خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى آخرها، فهو أضبط لها من غيره.
وأما ابن عمر رضي الله عنهما: فصح عنه أنه كان آخذًا بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وإنما سمعه يلبي بالحج، وأما ابن عباس رضي الله عنهما فمحله من العلم والفقه والدين معروف مع كثرة بحثه عن أحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما عائشة رضي الله عنها: فقربها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معروف، واطلاعها على باطن أمره وظاهره مع كثرة فقهها وعلمها.
ومن دلائل ترجيح الإفراد أن الخلفاء الراشدين أفردوا الحج بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وواظبوا عليه وأركان الحج خمسة: الإحرام والوقوف بعرفة، والطواف والسعي بين الصفا والمروة، وحلق الرأس أو التقصير في أصح القولين.
وأركان العمرة أربعة: الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير، وبهذه الأركان يحصل تمام الحج والعمرة.
{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}؛ أي: منعتم عن إتمام الحج أو العمرة، بعدوّ أو مرض أو كسر أو سجن، وأردتم التحلل من إحرامكم {فَمَا اسْتَيْسَرَ}؛ أي: فعليكم ذبح ما تيسر وسهل لكم {مِنَ الْهَدْيِ} من بدنة أو بقرة أو شاة، واذبحوها حيث أحصرتم من حل أو حرم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ذبح عام الحديبية بها، وإليه ذهب الشافعي وأحمد ومالك، وقال أبو حنيفة: أنه يقيم على إحرامه، ويبعث بهديه إلى الحرم، ويواعد من يذبحه هناك، ثم يحل في ذلك الوقت، والهدي: هو ما يهدي إلى بيت الله الحرام، أعلاه بدنة، وأوسطه بقرة، وأدناه شاة؛ أي: فعليكم ذبح ما تيسر من هذه الأجناس، ويشترط (١) فيها أن تكون مجزئة في الأضحية، فإن لم يتيسر .. عدل إلى قيمة الحيوان، واشترى به طعامًا: وتصدق به في مكان الإحصار، فإن