للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يقدر .. صام عن كل مد يومًا حيث شاء، وله التحلل حالًا؛ أي: قبل الصوم وهذا الدم دم ترتيب وتعديل، هكذا قال الفقهاء، وليس لهم عليه حجة.

والظاهر من الآية: أنه إذا لم يتيسر له .. فلا شيء عليه.

{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ}؛ أي: ولا تحللوا من إحرامكم أيها المحصورون بالحلق أو التقصير {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}؛ أي: حتى يصل الهدي المكان الذي يحل فيه ذبحه، وهو الحرم عند أبي حنيفة، ومكان الإحصار عند الشافعي وهو الراجح؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ذبح عام الحديبية بها، وهي من الحل، فيذبح فيه بنية التحلل، ويفرق على مساكينه، ويحلق أو يقصر وبه يحصل التحلل والخروج من النسك، فبلوغ الهدي محله كناية عن ذبحه في مكان الإحصار، فتفيد الآية وجوب تقديم الذبح على الحلق، وهو كذلك كما هو مقرر في الفروع، و {الْهَدْيُ} (١) جمع هدية كجدي وجدية، وقرىء {من الهدي} جمع هدية كمطي جمع مطية، والمَحِل - بالكسر - يطلق على المكان والزمان، ويطلق (٢) الهدي على الحيوان الذي يسوقه الحاج أو المعتمر هدية لأهل الحرم من غير سبب يقتضيه، وهذا ليس مرادًا هنا، ويطلق على ما وجب على الحاج أو المعتمر بسبب، سواء كان محظورًا وهو الواجب بفعل حرام أو ترك واجب، أو لم يكن كالإحصار والتمتع، وهذا هو المراد هنا.

واقتصاره على الهدي (٣) دليل على عدم وجوب القضاء، وقال أبو حنيفة: يجب القضاء.

{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} مرتب على محذوف؛ تقديره: ولا تحلقوا رؤسكم في حال الإحرام إلا أن تضطروا إلى حلقه لمرض أو أذى كقمل وصداع؛ أي: فمن كان منكم أيها المحرمون مريضًا في بدنه محتاجًا إلى المداواة واستعمال الطيب


(١) بيضاوي.
(٢) جمل.
(٣) بيضاوي.