عنده، ثمّ خرج إلى البصرة إلى الخليل بن أحمد. اهـ من "روح البيان"(ج: ٨، ص: ٤٩٣).
{فَاصْبِرْ} قال القشيري: الصبر: الوثوق بحكم الله، والثبات من غير بثٍّ ولا استكراهٍ، اهـ "خطيب".
{كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ}؛ أي: ذوو الحزم والصبر. والعزم في اللغة: الجدّ، والقصد مع القطع.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، في قوله:{فَلَمَّا حَضَرُوهُ} إذا أعيد الضمير إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنّ مقتضى السياق حينئذٍ أن يقال: فلمّا حضروك.
ومنها: إطلاق الكتاب على بعض أجزائه، في قوله:{إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا} إذ لم يكن القرآن كلُّه منزلًا حينئذٍ.
ومنها: تخصيص موسى بالذكر دون عيسى؛ لكون نزول الكتاب عليه متفقًا عليه بين اليهود والنصارى، بخلاف عيسى؛ لأنّ اليهود تنكر نبوّته، ونزول الكتاب عليه.
ومنها: الإطناب في قوله: {وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} لأنّه نفس الحق المذكور قبله، أطنب به للتأكيد وللتفخيم لشأنه.
ومنها: فن التنكيت في قوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} فقد عبر بـ {مِنْ} التبعيضية إشارةً إلى أنَّ الغفران يقع على الذنوب الخاصة، أما حقوق العباد فلا يمكن غفرانها، إلا بعد أن يُرضَّى أصحابها، فإنّ الله تعالى لا يغفر بالإيمان ذنوب المظالم.