للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ قتادة: {من آثار السجود} بالجمع، وقال عطاء الخراساني ودخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس.

{ذَلِكَ} المذكور من نعوتهم الجليلة {مَثَلُهُمْ}؛ أي: وصفهم العجيب الشأن، الجاري من الغرابة مجرى الأمثال، حال كون ذلك المثل مكتوبًا {فِي التَّوْرَاةِ} حال من {مَثَلُهُمْ} والعامل فيه: معنى الإشارة، والتوراة: اسم لكتاب موسى عليه السلام، سمّي بالتوراة؛ لأنه يظهر منه النور والضياء لبني إسرائيل {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ}: معطوف على {مَثَلُهُمْ} الأول، كأنه قيل: ذلك مثلهم في التوراة والإنجيل، وتكرير {مَثَلُهُمْ}؛ لتأكيد غرابته.، وزيادة تقريرها، والإنجيل: كتاب عيسى عليه السلام، سمّي بالإنجيل؛ لأنّه أظهر الدين بعدما درس؛ أي: عفا رسمه.

ومعنى الآية: أي (١) إنّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رسول الله، بلا شكّ ولا ريب، مهما أنكر المنكرون، وافترى الجاحدون، وإنّ صحابته الذين معه غليظة قلوبهم على الكفار، رقيقة قلوب بعضهم على بعض، ليّنة أنفسهم لهم، هيّنة عليهم، تراهم دائبين على الصلاة، مخلصين لله، محتسبين فيها الأجر وجزيل الثواب عنده، طالبين رضاه عنهم، لهم سمت حسن، وخشوع وخضوع يظهر أثره على الوجوه، ومن ثمّ قيل: إنّ للحسنة نورًا في القلب، وضياءً في الوجه، وسعةً في الرزق، ومحبةً في قلوب الناس.

والخلاصة: أنّ كل ما يفعله المرء، أو يتصوَّره، يظهر على صفحات الوجه، فالمؤمن إذا كانت سيرته وسريرته صحيحة مع الله .. أصلح الله عزّ وجلّ ظاهره للناس، ثمّ أخبر سبحانه: أنه نوَّه بفضلهم في الكتب المنزّلة، والأخبار المتداولة، فقال: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ}؛ أي: هذه الصفة التي وصفت لكم من صفات أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم -، هي صفتهم في التوراة، وصفتهم في الإنجيل: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ...} إلخ، تمثيل مستأنف (٢)؛ أي: هم كزرع أخرج أفراخه؛


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.