الطاقة. {وَنُمِيتُ} أصله: نموت بوزن نفعل، نقلت حركة الواو إلى الميم فسكنت إثر كسرة، فقلبت ياء حرف مدّ. {الْمَصِيرُ} أصله: المصير بوزن مفعل بكسر العين، نقلت حركة الياء إلى الصاد فسكنت فصارت حرف مدّ. {تَشَقَّقُ الْأَرْضُ}؛ أي: تتصدّع، بحذف إحدى التاءين من تتشقق مع تخفيف الشين، وقرىء: بتشديدها بإدغام التاء الثانية فيها.
{سِرَاعًا} جمع سريع، والسرعة: ضد البطء، ويستعمل في الأجسام والأفعال، ويقال: سرع فهو سريع، وأسرع فهو مسرع.
{بِجَبَّارٍ} من الجبر، وأصل الجبر: إصلاح الشيء بضرب من القهر، والجبّار في اسم الله تعالى هو: الذي جبر العباد على ما أراد، وهو صيغة مبالغة من جبر الثلاثي، فإنّ فعالًا إنما يبنى من الثلاثي نحو الفتّاح والعلام، ولم يجيء من أفعل بالألف إلا دراك. {مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} والوعيد: التخويف بالعذاب، ويستعمل في نفس العذاب.
البلاغة
وقد تضمّنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التأكيد في قوله: {غَيْرَ بَعِيدٍ}؛ لأنّه تأكيد للإزلاف، كقولهم: هو قريب غير بعيد، وعزيز غير ذليل.
ومنها: صيغة المبالغة في قوله: {لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ}.
ومنها: التعرض لعنوان الرحمانية، في قوله:{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} للإشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه راجون رحمته، أو بأنّ علمهم بسعة رحمته لا يصدّهم عن خشيته، وأنهم عاملون بموجب قوله: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)}.
ومنها: وصف القلب بالإنابة، في قوله:{بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} مع أنها وصف المكلّف، لما أن العبرة برجوعه إلى الله تعالى؛ أي: لا عبرة للإنابة والرجوع، إلا إذا كان من القلب، والمراد بها: الرجوع إلى الله تعالى بما يحبّ ويرضى.