للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

انقطع عمله، إلا من ثلاث: ولد صالح بدعو له، وصدقة جاربة من بعده، وعلم ينتفع به" فهي في الحقيقة من سعيه، وكده، وعمله، كما جاء في الحديث: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولد الرجل من كسبه"، والصدقة الجارية كالوقف، ونحوه من أعمال البر هي من آثار عمله والعلم نشره في الناس فاقتدوا به، واتبعوه هو من سعيه. فقد ثبت في "الصحيح": "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجر من اتبعه من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئًا".

ومذهب أحمد بن حنبل، وجماعة من العلماء: أن ثواب القراءة يصل إلى الموتى إن لم تكن القراءة بأجر، أما إذا كانت به، كما يفعله الناس اليوم من إعطاء الأجر للحفاظ للقراءة على المقابر، وغيرها فلا يصل إلى الميت ثوابها. إذ لا ثواب لها حتى يصل إليهم لحرمة أخذ الأجر على قراءة القرآن، وإن لم يحرم على تعليمه.

قال الشيخ تقي الدين أبو العباس (١): من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعصله، فقد خرق الإجماع. وذلك باطل من وجوه كثيرة:

أحدها: أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره. وهو انتفاع بعمل الغير.

والثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يشفع لأهل الموقف في الحساب، ثم لأهل الجنة في دخولها, ولأهل الكبائر في الإخراج من النار. وهذا الانتفاع بسعي الغير.

والثالث: أن كل نبي وصالح له شفاعة. وذلك انتفاع بعمل الغير.

والرابع: أن الملائكة يدعون، ويستغفرون لمن في الأرض. وذلك منفعة بعمل الغير.

والخامس: أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرًا قط بمحض رحمته. وهذا انتفاع بغير عملهم.

والسادس: أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم. وذلك انتفاع بمحض عمل الغير.

وكذا الميت بالصدقة عنه، وبالعتق بنص السنة والإجماع. وهو من عمل غيره. وأن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه عنه بنص السنة. وكذا تبرأ


(١) روح البيان.