للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المعتل اللام: كزكى تزكية، وولى تولية.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: التحضيض في قوله: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (٥٧)} حثًّا لهم على الاعتراف بالبعت والإعادة كاعترافهم بالخلق الأولى.

ومنها: تكرار {أَفَرَأَيْتُمْ} في مواضعها احتجاجًا على المشركين، وإلزامًا لهم بالحجة.

ومنها: الجناس المغاير في قوله: {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}، وقوله: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}، وقوله: {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) وقوله: {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (٧٢)}. وجناس الاشتقاق بين {ننشئكم}، وبين {النَّشْأَةَ}.

ومنها: فن صحة الإقسام في الآيات المذكورة من قوله: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨)} إلى قوله: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣)}. وهو عبارة استيفاء المتكلم جميع الأقسام للمعنى المذكور الآخذ فيه بحيث لا يغادر منه شيئًا.

ومنها: العدول من لفظ الحرمان والمنع إلى لفظ هو ردفه، وتابعه. وهو لفظ الجعل في قوله: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا}.

ومنها: تأكيد الفعل باللام في قوله في الزرع: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا}، وعدم تأكيده في الماء، حيث قال: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا}؛ لأنّ الزرع، ونباته، وجفافه بعد النضارة حتى يعود حطامًا لما كان يحتمل أن يتوهم أنه من فعل الزارع، ولهذا قال سبحانه: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤)}، أو يتوهم أن خصبه من سقي الماء، وأن جفات من حرارة الشمس وعدم السقي، أو تواتر مرور الإعصار. أخبر سبحانه أنه هو الفاعل لذلك كله على الحقيقة، وأنه قادر على جعله .. لو شاء حطامًا في حالة نموه، وزمن شبيبته ونضارته، فلما كان هذا التوهم محتملًا ..