للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{و} يصرف الخمس الثاني {لِذِي الْقُرْبَى}؛ أي: لذوي قربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مؤمني بني هاشم وبني المطلب، الفقراء منهم، قيل: ولو كانوا أغنياء؛ لأنهم قد منعوا من الزكاة فجعل لهم حقًا في الفيء. وقال في "شرح الآثار" عن أبي حنيفة - رحمه الله -: أن الصدقات كلها جائزة على بني هاشم وبني المطلب، والحرمة عليهم كانت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لوصول خمس الخمس إليهم، فلما سقط ذلك بموته - صلى الله عليه وسلم - .. حلت لهم الصدقات. قال الطحاوي: وبالجواز نأخذ، كذا في "شرح الوقاية" لابن الملك. {و} يصرف الخمس الثالث لـ {الْيَتَامَى}؛ أي: يتامى المسلمين؛ أي: أطفال المسلمين الذين هلكت آباؤهم وهم فقراء. جمع يتيم، وهو: صغير لا أب له، وإن كان له جد أو أمّ. {و} يصرف الخمس الرابع لـ {الْمَسَاكِينِ}؛ أي: مساكين المسلمين ذوي الحاجة. {و} يصرف الخمس الخامس لـ {ابْنِ السَّبِيلِ}؛ أي: للمسافر المنقطع عن ماله ووطنه، ولا يمكن له أن يصل إليه لبعد الشقّة، وانقطاع طرق المواصلات وقد كان ذلك حين كانت طرق الوصول شاقة لكنها الآن سهلة، وهي على أساليب شتى، فيمكن المرء أن يطلب ما شاء بحوالة على أي مصرف في أي بلد على سطح الكرة الأرضية. ومن ثم فهذا النوع لا يوجد الآن.

ثم علل هذا التقسيم بقوله: {كَيْ لَا يَكُونَ} الفيء، {دُولَةً}: علة لمحذوف، تقديره: أي (١) جعل الله سبحانه الفيء قسمة لمن ذكر من الأصناف؛ لأجل أن لا يكون الفيء شيئًا متداولًا {بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}؛ أي: شيئًا مخصوصًا بهم يكاثرون به أموالهم، لا يخرجونه إلى المستحقين، ولا يصرفونه للفقراء والمساكين يعيشون بها.

وقرأ الجمهور (٢): {كَيْ لَا يَكُونَ} بالياء التحتية. {دُولَةً} - بضم الدال ونصب التاء -؛ أي: كي لا يكون الفيء دولة. وقال الخطيب: وترسم {كي} هنا مفصولة من {لا} انتهى. وقرأ عبد الله، وأبو جعفر، وهشام، والأعرج، وأبو حيوة {تكون} بالتاء الفوقية، و {دَولة} بفتح الدال ورفع التاء. قال عيسى بن عمر، ويونس، والأصمعي، {دولة} بضمها وفتحها، لغتان بمعنى واحد. وقال أبو عمرو بن العلاء: الدولة - بالفتح -: الذي يتداول من الأموال، وبالضم: الفعل.


(١) المراح (كذا في الأصل).
(٢) البحر المحيط والشوكاني.